وأصل التفكه التنقل بصنوف الفواكه، ثم استعبر للننقل بالحديث، وكني فيه هنا عن التعجب والندم والتلاوم، أو عن اتلافه وحرمانكم منه، هذا وإذا أريد المعنى الظاهر من تفكهون فيكون ويجعلكم تقتصرون على أكل الفواكه فقط وتعدمون لذة القمح الذي لا يغني عنه شيء بحيث لا تعافه النفس مهما أدمن عليه بخلاف غيره من الأطعمة، وعند ما يجعله اللّه كذلك تقولون "إِنَّا لَمُغْرَمُونَ" ٦٦ ذهب مالنا بغير عوض وتعبنا بغير أجر وأملنا دون حظوة وتقولون "بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ" ٦٧ من ربح زرعنا الذي كنا نأمله لا حظ لنا فيه "أَ فَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ" ٦٨ منه أنتم وأنعامكم ودوابكم وتغتسلون منه وتغسلون ثيابكم وأوانيكم "أَ أَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ" السحب واحده مزنة قال الشاعر :
فلا مزنة ودقت ودقها ولا أرض أبقلت ابقالها
"أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ" ٦٩ له بقدرتنا إذ ننزله لكم بقدر حاجتكم إليه على أنا "لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً" شديد الملوحة مرا لا يشرب ولا ينفع الزرع، فتهلكون عطشا وتنلف زروعكم وأشجاركم، لأنا قادرون على اتلافكم بأنواع شتى، فلو سكنا عنكم الهواء ساعة لهلكتم جميعا "فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ" ٧٠ نعم اللّه عليكم التي من جملتها تأمين ضرورياتكم وما تصلحون به مأكولكم


الصفحة التالية
Icon