"تَنْظُرُونَ" ٨٤ ذلك لما تشاهدون من حال المحتضر فقط، وإلا لا يمكن أن تبصروا شيئا ماديّا، لأن الروح من أمر اللّه لا تشاهد ولا يسعكم إلا البكاء، لأنه لا يمكنكم دفع ما حل به ولا تأخيره ولا صرفه أبدا "وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ" ولو أنكم معه "وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ" ٨٥ قربنا منه ولا تعلمون كيف نقبض روحه ولا ترون أملاكنا المحيطين به، لأنكم لا تفقهون معنى الروح ولا تعقلونه، لكونه من خصائص الإلهية، وأنتم لا ترون إلا شخوص بصره نحو السماء عند خروج روحه هذا إذا كان الخطاب لمن حضر المحتضر، وإذا كان الخطاب له يكون المعنى وانكم أيها المحتضرون ترون منزلتكم في الجنة أو النار حين خروج روحكم، ولذلك تشخص أبصاركم نحوها ونحن عندكم ومعكم، ولكن لا تبصرون وجودنا "فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ" ٨٦ مجزيين على تقصيركم، يقال وإنه إذا ثبت عليه الجرم والأولى أن يكون معناه غير مربوبين، وإن السلطان للرعية إذا ساسهم وتعبدهم ومنه قولهم للعبد مدين وللأمة مدينة قال الأخطل :
ربت وربا في حجرها ابن مدينة تراه على مسحاته يتركل
أي يضرب مسحاته برجله لتدخل في الأرض.