ما المنضود ؟ فنقول : إما الورق وإما الثمر، والظاهر أن المراد الورق، لأن شجر الموز من أوله إلى أعلاه يكون ورقاً بعد ورق، وهو ينبت كشجر الحنطة ورقاً بعد ورق وساقه يغلظ وترتفع أوراقه، ويبقى بعضها دون بعض، كما في القصب، فموز الدنيا إذا ثبت كان بين القصب وبين بعضها فرجة، وليس عليها ورق، وموز الآخرة يكون ورقه متصلاً بعضه ببعض فهو أكثر أوراقاً، وقيل : المنضود المثمر، فإن قيل : إذا كان الطلح شجراً فهو لا يكون منضوداً وإنما يكون له ثمر منضود، فكيف وصف به الطلح ؟ نقول : هو من باب حسن الوجه وصف بسبب اتصاف ما يتصل به، يقال : زيد حسن الوجه، وقد يترك الوجه ويقال : زيد حسن والمراد حسن الوجه ولا يترك إن أوهم فيصح أن يقال : زيد مضروب الغلام، ولا يجوز ترك الغلام لأنه يوهم الخطأ، وأما حسن الوجه فيجوز ترك الوجه.
وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠)
وفيه وجوه الأول : ممدود زماناً، أي لا زوال له فهو دائم، كما قال تعالى :﴿أُكُلُهَا دَائِمٌ وِظِلُّهَا﴾ [ الرعد : ٣٥ ] أي كذلك الثاني : ممدود مكاناً، أي يقع على شيء كبير ويستره من بقعة الجنة الثالث : المراد ممدود أي منبسط، كما قال تعالى :﴿والأرض مددناها﴾ [ الحجر : ١٩ ] فإن قيل : كيف يكون الوجه الثاني ؟ نقول : الظل قد يكون مرتفعاً، فإن الشمس إذا كانت تحت الأرض يقع ظلها في الجو فيتراكم الظل فيسود وجه الأرض وإذا كانت على أحد جانبيها قريبة من الأفق ينبسط على وجه الأرض فيضيء الجو ولا يسخن وجه الأرض، فيكون في غاية الطيبة، فقوله :﴿وَظِلّ مَّمْدُودٍ﴾ أي عند قيامه عموداً على الأرض كالظل بالليل، وعلى هذا فالظل ليس ظل الأشجار بل ظل يخلقه الله تعالى.
وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (٣١)


الصفحة التالية
Icon