وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَأَصْحَابُ اليمين مَآ أَصْحَابُ اليمين ﴾
رجع إلى ذكر منازل أصحاب الميمنة وهم السابقون على ما تقدّم، والتكرير لتعظيم شأن النعيم الذي هم فيه.
﴿ فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ ﴾ أي في نبق قد خُضد شوكه أي قطع ؛ قاله ابن عباس وغيره.
وذكر ابن المبارك : حدثنا صفوان عن سليم بن عامر قال :" كان أصحاب النبيّ ﷺ يقولون : إنه لينفعنا الأعراب ومسائلهم، قال : أقبل أعرابي يوماً ؛ فقال : يا رسول اللها لقد ذكر الله في القرآن شجرة مؤذيةً، وما كنت أرى في الجنة شجرة تؤذي صاحبها؟ قال رسول الله ﷺ :"وما هي" قال : السِّدر فإن له شوكاً مؤذياً ؛ فقال ﷺ :"أو ليس يقول ﴿ فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ ﴾ خَضد الله شوكه فجعل مكان كل شوكة ثمرة فإنها تنبت ثمراً يفتق الثمر منها عن اثنين وسبعين لوناً من الطعام ما فيه لون يشبه الآخر" " وقال أبو العالية والضحاك : نظر المسلمون إلى وَجٍّ ( وهو وادٍ بالطائف مخصب ) فأعجبهم سِدره، فقالوا : يا ليت لنا مثل هذا ؛ فنزلت.
قال أمية بن أبي الصَّلْت يصف الجنة :
إنّ الحدائقَ في الجِنانِ ظليلةٌ...
فيها الْكَواعِبُ سِدْرُها مَخْضودُ
وقال الضحاك ومجاهد ومقاتل بن حيان :﴿ فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ ﴾ وهو الموقر حملاً.
وهو قريب مما ذكرنا في الخبر.
سعيد بن جبير : ثمرها أعظم من القِلال.
وقد مضى هذا في سورة "النجم" عند قوله تعالى :﴿ عِندَ سِدْرَةِ المنتهى ﴾ [ النجم : ١٤ ] وأن ثمرها مثل قلال هَجَر من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى :﴿ وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ ﴾ الطَّلْح شجر الموز واحده طلحة.
قاله أكثر المفسرين عليّ وابن عباس وغيرهم.
وقال الحسن : ليس هو موز ولكنه شجر له ظل بارد رطب.
وقال الفراء وأبو عبيدة : شجر عظام له شوك ؛ قال بعض الحداة وهو الجعدي :
بَشَّرَهَا دَليلُها وقَالاَ...