ولما ذكر السابقين في الخير بصنفيهم مشيراً إلى السابقين في الشر بصنفيهم، ذكر جزاء أهل الخير ليعلم منه جزاء أولئك، فقال مبيناً أنهم ملوك لكن ملكهم لا ينافس فيه ولا يحاسد، بل هو كله يقابل بالوداد والصفاء ﴿على سرر﴾ وهو ما يسر الإنسان من المقاعد العالية المصنوعة للراحة والكرامة التي هي آية الملك وهو العرش ﴿موضونة﴾ أي منسوجة نسجاً مضاعفاً منضودة داخلاً بعضها في بعض مقارب النسج معجباً كالدرع لكن نسجها بالذهب مفصلاً بالجوهر من الدر والياقوت.
ولما ذكر السرر وبين عظمتها، ذكر غايتها فقال :﴿متكئين﴾ أي متكئين هيئة المتربع أو غيرها من الجنب أو غيرها ﴿عليها﴾ ولما كان الجمع إذا كثر كان ظهور بعض أهله إلى بعض، أعلم أن جموع أهل الجنة على غير ذلك فقال :﴿متقابلين﴾ فلا بعد ولا مدابرة لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض ولا يكره بعضهم بعضاً. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٧ صـ ٤٠٤ ـ ٤٠٦﴾