ما إعرابه ومنه يعرف معناه ؟ نقول :﴿فأصحاب الميمنة﴾ مبتدأ أراد المتكلم أن يذكر خبره فرجع عن ذكره وتركه وقوله :﴿مَا أصحاب الميمنة﴾ جملة استفهامية على معنى التعجب كما تقول : لمدعي العلم ما معنى كذا مستفهماً ممتحناً زاعماً أنه لا يعرف الجواب حتى إنك تحب وتشتهي ألا يجيب عن سؤالك ولو أجاب لكرهته لأن كلامك مفهوم كأنك تقول : إنك لا تعرف الجواب، إذا عرفت هذا فكأن المتكلم في أول الأمر مخبراً ثم لم يخبر بشيء لأن في الأخبار تطويلاً ثم لم يسكت وقال ذلك ممتحناً زاعماً أنك لا تعرف كنهه، وذلك لأن من يشرع في كلام ويذكر المبتدأ ثم يسكت عن الخبر قد يكون ذلك السكوت لحصول علمه بأن المخاطب قد علم الخبر من غير ذكر الخبر، كما أن قائلاً : إذا أراد أن يخبر غيره بأن زيداً وصل، وقال : إن زيداً ثم قبل قوله : جاء وقع بصره على زيد ورآه جالساً عنده يسكت ولا يقول جاء لخروج الكلام عن الفائدة وقد يسكت عن ذكر الخبر من أول الأمر لعلمه بأن المبتدأ وحده يكفي لمن قال : من جاء فإنه إن قال : زيد يكون جواباً وكثيراً ما نقول : زيد ولا نقول : جاء، وقد يكون السكوت عن الخبر إشارة إلى طول القصة كقول القائل : الغضبان من زيد ويسكت ثم يقول : ماذا أقول عنه.


الصفحة التالية
Icon