والتكرير في ﴿ مَآ أَصْحَابُ الميمنة ﴾.
و﴿ مَآ أَصْحَابُ المشأمة ﴾ للتفخيم والتعجيب ؛ كقوله :﴿ الحاقة * مَا الحآقة ﴾ [ الحاقة : ١ ] و ﴿ القارعة * مَا القارعة ﴾ [ القارعة : ١ ] كما يقال : زيد ما زيد! وفي حديث أمّ زَرْع رضي الله عنها : مالِكٌ ومَا مَالِكٌ! والمقصود تكثير ما لأصحاب الميمنة من الثواب ولأصحاب المشأمة من العقاب.
وقيل :"أَصْحَابُ" رفع بالابتداء والخبر ﴿ مَآ أَصْحَابُ الميمنة ﴾ كأنه قال :﴿ فَأَصْحَابُ الميمنة ﴾ ما هم ؛ المعنى : أيُّ شيء هم.
وقيل : يجوز أن تكون "ما" تأكيداً، والمعنى فالذين يعطون كتابهم بأيمانهم هم أصحاب التقدّم وعلوّ المنزلة.
قوله تعالى :﴿ والسابقون السابقون ﴾ روي عن النبيّ ﷺ أنه قال :
" السابقون الذين إذا أعطوا الحقّ قبلوه وإذا سئلوه بذلوه وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم " ذكره المهدوي.
وقال محمد بن كعب القُرَظيّ : إنهم الأنبياء.
الحسن وقتادة : السابقون إلى الإيمان من كل أمة.
ونحوه عن عكرمة.
محمد بن سيرين : هم الذين صَلُّوا إلى القبلتين ؛ دليله قوله تعالى :﴿ والسابقون الأولون مِنَ المهاجرين والأنصار ﴾ [ التوبة : ١٠٠ ].
وقال مجاهد وغيره : هم السابقون إلى الجهاد، وأوّل الناس رواحاً إلى الصلاة.
وقال عليّ رضي الله عنه : هم السابقون إلى الصلوات الخمس.
الضحاك : إلى الجهاد.
سعيد بن جُبير : إلى التوبة وأعمال البر ؛ قال الله تعالى :﴿ وسارعوا إلى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ [ آل عمران : ١٣٣ ] ثم أثنى عليهم فقال :﴿ أولئك يُسَارِعُونَ فِي الخيرات وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [ المؤمنون : ٦١ ].
وقيل : إنهم أربعة ؛ منهم سابق أمة موسى وهو حزقيل مؤمن آل فرعون، وسابق أمة عيسى وهو حبيب النجار صاحب أنطاكية، وسابقان في أمة محمد ﷺ وهما أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ؛ قاله ابن عباس ؛ حكاه الماوردي.


الصفحة التالية
Icon