وقال شُمَيْط بن العجلان : الناس ثلاثة ؛ فرجل ابتكر للخير في حداثة سنه داوم عليه حتى خرج من الدنيا فهذا هو السابق المقرّب، ورجل ابتكر عمره بالذنوب ثم طول الغفلة ثم رجع بتوبته حتى ختم له بها فهذا من أصحاب اليمين، ورجل ابتكر عمره بالذنوب ثم لم يزل عليها حتى ختم له بها فهذا من أصحاب الشمال.
وقيل : هم كل من سبق إلى شيء من أشياء الصلاح.
ثم قيل :﴿ السابقون ﴾ رفع بالابتداء والثاني توكيد له والخبر ﴿ أولئك المقربون ﴾.
وقال الزجاج :﴿ السابقون ﴾ رفع بالابتداء والثاني خبره ؛ والمعنى السابقون إلى طاعة الله هم السابقون إلى رحمة الله ﴿ أولئك المقربون ﴾ من صفتهم.
وقيل : إذا خرج رجل من السابقين المقربين من منزله في الجنة كان له ضوء يعرفه به من دونه.
قوله تعالى :﴿ ثُلَّةٌ مِّنَ الأولين ﴾ أي جماعة من الأمم الماضية.
﴿ وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخرين ﴾ أي ممن آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم.
قال الحسن : ثُلَّة ممن قد مضى قبل هذه الأمة، وقليل من أصحاب محمد ﷺ، اللهم اجعلنا منهم بكرمك.
وسُمُّوا قليلاً بالإضافة إلى من كان قبلهم ؛ لأن الأنبياء المتقدّمين كثروا فكثر السابقون إلى الإيمان منهم، فزادوا على عدد من سبق إلى التصديق من أمتنا.
وقيل : لما نزل هذا شَقَّ على أصحاب رسول الله ﷺ فنزلت :﴿ ثُلَّةٌ مِّنَ الأولين ﴾ ﴿ وَثُلَّةٌ مِّنَ الآخرين ﴾ فقال النبيّ ﷺ :" إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة بل ثلثَ أهل الجنة بل نصفَ أهل الجنة وتقاسمونهم في النصف الثاني " رواه أبو هريرة، ذكره الماوردي وغيره.
ومعناه ثابت في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن مسعود.
وكأنه أراد أنها منسوخة والأشبه أنها محكمة لأنها خبر ؛ ولأن ذلك في جماعتين مختلفتين.