المكتوب هو المستور قال الله تعالى :﴿كأمثال اللؤلؤ المكنون﴾ [ الواقعة : ٢٣ ]، قال :﴿بَيْضٌ مَّكْنُونٌ﴾ [ الصافات : ٤٩ ] فإن كان المراد من الكتاب اللوح فهو ليس بمستور وإنما الشيء فيه منشور، وإن كان المراد هو المصحف فعدم كونه مكتوباً مستوراً، فكيف الجواب عنه ؟ فنقول : المكنون المحفوظ إذا كان غير عزيز يحفظ بالعين، وهو ظاهر للناس فإذا كان شريفاً عزيزاً لا يكتفي بالصون والحفظ بالعين بل يستر عن العيون، ثم كلما تزداد عزته يزداد ستره فتارة يكون مخزوناً ثم يجعل مدفوناً، فالستر صار كاللازم للصون البالغ فقال :﴿مَّكْنُون﴾ أي محفوظ غاية الحفظ، فذكر اللام وأراد الملزوم وهو باب من الكلام الفصيح تقول مثلاً : فلان كبريت أحمر، أي قليل الوجود والجواب الثاني : إن اللوح المحفوظ مستور عن العين لا يطلع عليه إلا ملائكة مخصوصون، ولا ينظر إليه إلا قوم مطهرون، وأما القرآن فهو مكتوب مستور أبد الدهر عن أعين المبدلين، مصون عن أيدي المحرفين، فإن قيل : فما فائدة كونه ﴿فِى كتاب﴾ وكل مقروء في كتاب ؟ نقول : هو لتأكيد الرد على الكفار لأنهم كانوا يقولون : إنه مخترع من عنده مفترى، فلما قال : مقروء عليه اندفع كلامهم، ثم إنهم قالوا : إن كان مقروءاً عليه فهو كلام الجن فقال :﴿فِى كتاب﴾ أي لم ينزل به عليه الملك إلا بعدما أخذه من كتاب فهو ليس بكلام الملائكة فضلاً أن يكون كلام الجن، وأما إذا قلنا : إذا كان كريماً فهو في كتاب، ففائدته ظاهرة، وأما فائدة كونه في كتاب مكنون فيكون رداً على من قال : إنه أساطير الأولين في كتب ظاهرة، أي فلم لا يطالعها الكفار، ولم لا يطلعون عليه لا بل هو ﴿فِى كتاب مَّكْنُونٍ * لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ المطهرون﴾، فإذا بين فيما ذكرنا أن وصفه بكونه قرآناً صار رداً على من قال : يذكره من عنده، وقوله :﴿فِى كتاب﴾ رد على من قال : يتلوه عليه الجن حيث اعترف بكونه مقروءاً ونازع في