وقال ابن عباس : المراد بمواقع النجوم نزول القرآن نجوماً، أنزله الله تعالى من اللوح المحفوظ من السماء العليا إلى السَّفَرة الكاتبين، فنجّمه السفرة على جبريل عشرين ليلة، ونجمه جبريل على محمد عليهما الصلاة والسلام عشرين سنة، فهو ينزله على الأحداث من أمته ؛ حكاه الماوردي عن ابن عباس والسّدي.
وقال أبو بكر الأنباري : حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي حدثنا حجّاج بن المِنهال حدثنا همّام عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : نزل القرآن إلى سماء الدنيا جملة واحدة، ثم نزل إلى الأرض نجوماً، وفرق بعد ذلك خمس آيات خمس آيات وأقل وأكثر، فذلك قول الله تعالى :﴿ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النجوم * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ﴾.
وحكى الفراء عن ابن مسعود أن مواقع النجوم هو محكم القرآن.
وقرأ حمزة والكِسائي "بِمَوْقِعِ" على التوحيد، وهي قراءة عبد الله بن مسعود والنَّخَعي والأعمش وابن مُحيصن ورُوَيس عن يعقوب.
الباقون على الجمع ؛ فمن أفرد فلأنه اسم جنس يؤدي الواحد فيه عن الجمع، ومن جمع فلاختلاف أنواعه.
الثالثة : قوله تعالى :﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ﴾ قيل : إن الهاء تعود على القرآن ؛ أي إن القرآن لقسم عظيم، قاله ابن عباس وغيره.
وقيل : ما أقسم الله به عظيم ﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ﴾ ذكر المقسم عليه ؛ أي أقسم بمواقع النجوم إن هذا القرآن قرآن كريم، ليس بسحر ولا كهانة، وليس بمفترى، بل هو قرآن كريم محمود، جعله الله تعالى معجزة لنبيه ﷺ، وهو كريم على المؤمنين، لأنه كلام ربّهم، وشفاء صدورهم ؛ كريم على أهل السماء ؛ لأنه تنزيل ربّهم ووَحْيه.
وقيل :﴿ كَرِيمٌ ﴾ أي غير مخلوق.
وقيل :﴿ كَرِيمٌ ﴾ لما فيه من كريم الأخلاق ومعاني الأمور.
وقيل : لأنه يُكِّرم حافظه، ويُعظّم قارئه.


الصفحة التالية
Icon