﴿ مِنَ الحميم ﴾ وهو الماء المغليّ الذي قد اشتد غليانه وهو صديد أهل النار.
أي يورثهم حَرَّ ما يأكلون من الزقوم مع الجوع الشديد عطشاً فيشربون ماء يظنون أنه يزيل العطش فيجدونه حميماً مُغْلًى.
قوله تعالى :﴿ فَشَارِبُونَ شُرْبَ الهيم ﴾ قراءة نافع وعاصم وحمزة "شُرْبَ" بضم الشين.
الباقون بفتحها لغتان جيدتان ؛ تقول العرب : شَرِبت شُرْباً وشَرْباً وشِرْباً وشُرُباً بضمتين.
قال أبو زيد : سمعت العرب تقول بضم الشين وفتحها وكسرها، والفتح هو المصدر الصحيح ؛ لأن كل مصدر من ذوات الثلاثة فأصله فَعْل، ألا ترى أنك ترده إلى المرة الواحدة ؛ فتقول : فَعْلة نحو شَرْبة وبالضم الاسم.
وقيل : إن المفتوح والاسم مصدران، فالشَّرْب كالأكل، والشُّرب كالذُّكْر، والشِّرْب بالكسر المشروب كالطِّحْن المطحون.
والهِيم الإبل العِطاش التي لا تَرْوى لداء يصيبها ؛ عن ابن عباس وعِكرمة وقَتادة والسُّديّ وغيرهم ؛ وقال عكرمة أيضاً : هي الإبل المِراض.
الضحاك : الهيم الإبل يصيبها داء تعطش منه عطشاً شديداً، واحدها أَهْيَم والأنثى هَيْماء.
ويقال لذلك الداء الهُيَام ؛ قال قيس بن الملوَّح :
يقال بِه داء الهُيَامِ أصابه...
وقد علِمت نفسي مكانَ شِفائِها
وقوم هِيم أيضاً أي عِطاش، وقد هاموا هُيَاماً.
ومن العرب من يقول في الإبل : هائم وهائمة والجمع هيم ؛ قال لَبِيد :
أَجَزْتُ إِلى معارِفِها بِشُعْثٍ...
وأَطْلاَحٍ مِن العِيدِيِّ هِيم
وقال الضحاك والأخفش وابن عيينة وابن كيسان : الهيم الأرض السهلة ذات الرمل.
وروي أيضاً عن ابن عباس : فيشربون شرب الرمال التي لا ترْوى بالماء.
المهدوي : ويقال لكل ما لا يروى من الإبل والرمل أهيم وهيماء.
وفي الصحاح : والهُيَام بالضم أشد العطش.
والهُيَام كالجنون من العشق.
والهُيَام داء يأخذ الإبل فتهيم في الأرض لا ترعى.
يقال : ناقة هَيْماء.
والهيماء أيضاً المفازة لا ماء بها.


الصفحة التالية