وتسويتها يصير حارثاً، وذلك قبل إلقاء البذرة لزرع لمن أتى بالأمر المتأخر وهو إلقاء البذر، أي من له البذر على مذهب أبي حنيفة رحمة الله تعالى عليه وهذا أظهر، لأنه بمجرد الإلقاء في الأرض يجعل الزرع للملقى سواء كان مالكاً أو غاصباً.
لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (٦٥) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (٦٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٦٧)
وهو تدريج في الإثبات، وبيانه هو أنه لما قال :﴿أأنتم تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزرعون﴾ [ الواقعة : ٦٤ ] لم يبعد من معاند أن يقول : نحن نحرث وهو بنفسه يصير زرعاً، لا بفعلنا ولا بفعل غيرنا، فقال تعالى : ولو سلم لكم هذا الباطل هذا الباطل، فما تقولون في سلامته عن الآفات التي تصيبه، فيفسد قبل اشتداد الحب وقبل انعقاده، أو قبل اشتداد الحب وقبل ظهور الحب فيه، فهل تحفظونه منها أو تدفعونها عنه، أو هذا الزرع بنفسه يدفع عن نفسه تلك الآفات، كما تقولون : إنه بنفسه ينبت، ولا يشك أحد أن دفع الآفات بإذن الله تعالى، وحفظه عنها بفضل الله، وعلى هذا أعاده ليذكر أموراً مرتبة بعضها على بعض فيكون الأمر الأول : للمهتدين والثاني : للظالمين والثالث : للمعاندين الضالين فيذكر الأمر الذي لا شك فيه في آخر الأمر إقامة للحجة على الضال المعاند.