وفيه سؤال وهو أنه تعالى ههنا قال :﴿لَجَعَلْنَاهُ﴾ بلام الجواب وقال في الماء :﴿جعلناه أُجَاجاً﴾ [ الواقعة : ٧٠ ] من غير لام فما الفرق بينهما ؟ نقول : ذكر الزمخشري عنه جوابين أحدهما : قوله تعالى :﴿لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حطاما﴾ كان قريب الذكر فاستغنى بذكر اللام فيه عن ذكرها ثانياً، وهذا ضعيف لأن وقوله تعالى :﴿لَّوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا على أَعْيُنِهِمْ﴾ [ يس : ٦٦ ] مع قوله :﴿لَّوْ نَشَاء لمسخناهم﴾ [ يس : ٦٧ ] أقرب من قوله :﴿لَجَعَلْنَاهُ حطاما﴾ و ﴿جعلناه أُجَاجاً﴾ [ الواقعة : ٧٠ ] اللهم إلا أن نقول : هناك أحدهما قريب من الآخر ذكراً لا معنى لأن الطمس لا يلزمه المسخ ولا بالعكس والمأكول معه المشروب في الدهر، فالأمران تقاربا لفظاً ومعنى والجواب الثاني : أن اللام يفيد نوع تأكيد فذكر اللام في المأكول ليعلم أن أمر المأكول أهم من أمر المشروب وأن نعمته أعظم وما ذكرنا أيضاً وارد عليه لأن أمر الطمس أهون من أمر المسخ وأدخل فيهما اللام، وههنا جواب آخر يبين بتقديم بحث عن فائدة اللام في جواب لو، فنقول : حرف الشرط إذا دخل على الجملة يخرجها عن كونها جملة في المعنى فاحتاجوا إلى علامة تدل على المعنى، فأتوا بالجزم في المستقبل لأن الشرط يقتضي جزاء، وفيه تطويل فالجزم الذي هو سكون أليق بالموضع وبينه وبين المعنى أيضاً مناسبة لكن كلمة لو مختصة بالدخول على الماضي معنى فإنها إذا دخلت على المستقبل جعلته ماضياً، والتحقيق فيه أن الجملة الشرطية لا تخرج عن أقسام فإنها إذا ذكرت لا بد من أن يكون الشرط معلوم الوقوع لأن الشرط إن كان معلوم الوقوع فالجزاء لازم الوقوع فجعل الكلام جملة شرطية عدول عن جملة إسنادية إلى جملة تعليقية وهو تطويل من غير فائدة فقول القائل : آتيك إن طلعت الشمس تطويل والأولى أن يقول : آتيك جزماً من غير شرط فإذا علم هذا فحال الشرط لا يخلو من أن يكون معلوم العدم أو مشكوكاً فيه