وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (٧٥) ﴾
اختلف الناس في :" لا "، من قوله :﴿ فلا أقسم بمواقع النجوم ﴾ فقال بعض النحويين : هي زائدة والمعنى فأقسم، وزيادتها في بعض المواضع معروف كقوله تعالى :﴿ لئلا يعلم أهل الكتاب ﴾ [ الحديد : ٢٩ ] وغير ذلك، وقال سعيد بن جبير وبعض النحويين : هي نافية، كأنه قال :﴿ فلا ﴾ صحة لما يقوله الكفار، ثم ابتدأ ﴿ أقسم بمواقع النجوم ﴾. وقال بعض المتأولين هي مؤكدة تعطي في القسم مبالغة ما، وهي كاستفتاح كلام مشبه في القسم ألا في شائع الكلام القسم وغيره، ومن هذا قول الشاعر :[ الطويل ]
" فلا وأبي أعدائها لا أخونها "... والمعنى : فوأبي اعدائها، ولهذا نظائر.
وقرأ الحسن والثقفي :" فلأقسم " بغير ألف، قال أبو الفتح، التقدير : فلأنا أقسم.
وقرأ الجمهور من القراء " بمواقع " على الجمع، وقرأ عمر بن الخطاب وابن عباس وابن مسعود وأهل الكوفة وحمزة والكسائي :" بموقع " على الإفراد، وهو مراد به الجمع، ونظير هذا كثير، ومنه قوله تعالى :﴿ إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ﴾ [ لقمان : ١٩ ] جمع من حيث لكل حمار صوت مختص وأفرد من حيث الأصوات كلها نوع.
واختلف الناس في :﴿ النجوم ﴾ هنا، فقال ابن عباس وعكرمة ومجاهد وغيرهم : هي نجوم القرآن التي نزلت على محمد ﷺ، وذلك أنه روي أن القرآن نزل من عند الله في ليلة القدر إلى السماء الدنيا، وقيل إلى البيت المعمور جملة واحدة، ثم نزل بعد ذلك على محمد نجوماً مقطعة في مدة من عشرين سنة.


الصفحة التالية
Icon