قوله تعالى :﴿ وحُورٌ عِينٌ ﴾ قرأ ابن كثير، وعاصم، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر :"وُحورٌ عِينٌ" بالرفع فيهما.
وقرأ أبو جعفر، وحمزة، والكسائي، والمفضل عن عاصم : بالخفض فيهما.
وقرأ أُبيُّ بن كعب، وعائشة، وأبو العالية، وعاصم الجحدري :"وحُوراً عِيناً" بالنصب فيهما.
قال الزجاج : والذين رفعوا كرهوا الخفض، لأنه معطوف على قوله :﴿ يطوف عليهم ﴾، قالوا : والحُور ليس ممّا يطاف به، ولكنه مخفوض على غير ما ذهب إليه هؤلاء، لأن المعنى : يطوف عليهم ولدانٌ مخلَّدون بأكوابٍ ينعمون بها، وكذلك ينعمون بلحم طير، فكذلك ينعمون بحُورٍ عِينٍ، والرفع أحسن، والمعنى : ولهم حُورٌ عِينٌ ؛ ومن قرأ "وحُوراً عِيناً" حمله على المعنى، لأن المعنى : يُعطَون هذه الأشياء ويُعطَون حُوراً عِيناً، إلاّ أنها تُخالِف المصحف فتُكْرَه.
ومعنى ﴿ كأمثال اللُّؤلؤ ﴾ أي : صفاؤهُنَّ وتلألؤهُنّ كصفاء اللُّؤلؤ وتلألئه.
والمكنون : الذي لم يغيِّره الزمان واختلاف أحوال الاستعمال، فهُنَّ كاللؤلؤ حين يخرج من صدفه.
﴿ جزاءً ﴾ منصوب مفعول له ؛ والمعنى : يُفعل بهم ذلك جزاءً بأعمالهم، ويجوز أن يكون منصوباً على أنه مصدر، لأن معنى "يطوف عليهم ولِدانٌ مخلَّدون" : يُجازَون جزاءً بأعمالهم ؛ وأكثر النحويِّين على هذا الوجه.
قوله تعالى :﴿ لا يَسْمَعون فيها لَغْواً ﴾ قد فسرنا معنى اللَّغو والسلام في سورة [ مريم : ٦٢ ] ومعنى التأثيم في [ الطور : ٢٣ ] ومعنى "ما أصحابُ اليمين" في أول هذه السورة [ الواقعة : ٩ ].
فإن قيل : التأثيم لا يُسمع فكيف ذكره مع المسموع؟
فالجواب : أن العرب يُتْبِعون آخرَ الكلام أوَّلَه، وإن لم يحسُن في أحدهما ما يحسُن في الآخر، فيقولون : أكلتُ خبزاً ولبَناً، واللَّبَن لا يؤكل، إنما حَسُن هذا لأنه كان مع ما يؤكل، قال الفراء : أنشدني بعض العرب :
إذا ما الغانِياتُ بَرَزْنَ يَوْماً...


الصفحة التالية
Icon