واختلف الناس في معنى قوله :﴿ لا يمسه إلا المطهرون ﴾ وفي حكمه فقال من قال : إن الكتاب المكنون هو الذي في السماء. ﴿ المطهرون ﴾ هنا الملائكة قال قتادة : فأما عندكم فيمسه المشرك المنجس والمنافق قال الطبري :﴿ المطهرون ﴾ : الملائكة والأنبياء ومن لا ذنب له، ولي في الآية على هذا القول حكم مس المصحف لسائر بني آدم، ومن قال بأنها مصاحف المسلمين، قال إن قوله :﴿ لا يمسه ﴾ إخبار مضمنه النهي، وضمة السين على هذا ضمة إعراب، وقال بعض هذه الفرقة : بل الكلام نهي، وضمة السين ضمة بناء، قال جميعهم : فلا يمس المصحف من جميع بني آدم إلا الطاهر من الكفر والجنابة والحدث الأصغر. قال مالك : لا يحمله غير طاهر بعلاقته ولا على وسادة. وفي كتاب رسول الله ﷺ لعمرو بن حزم :" ولا يمس المصحف إلا الطاهر "، وقد رخص أبو حنيفة وقوم بأن يمسه الجنب والحائض على حائل غلاف ونحوه، ورخص بعض العلماء في مسه بالحدث الأصغر، وفي قراءته عن ظهر قلب، منهم ابن عباس وعامر الشعبي، ولا سيما للمعلم والصبيان، وقد رخص بعضهم للجنب في قراءته، وهذا الترخيص كله مبني على القول الذي ذكرناه من أن المطهرين هم الملائكة أو على مراعاة لفظ اللمس فقد قال سليمان : لا أمس المصحف ولكن أقرأ القرآن.
وقرأ جمهور الناس :" المطَهّرون " بفتح الطاء والهاء المشددة. وقرأ نافع وابو عمرو بخلاف عنهما " المطْهَرون " بسكون الطاء وفتح الهاء خفيفة، وهي قراءة عيسى الثقفي. وقرأ سلمان الفارسي :" المطَهِّرون " بفتح الطاء خفيفة وكسر الهاء وشدها على معنى الذين يطهرون أنفسهم، ورويت عنه بشد الطاء والهاء. وقرأ الحسن وعبد الله بن عون وسلمان الفارسي بخلاف عنه : المطّهرون بشد الطاء بمعنى المتطهرون.