قلت فيه لطيفة وذلك أن الله تعالى ذكر في أول السورة من الأمور الهائلة عند قيام الساعة تخويفاً لعباده فإما محسن فيزداد رغبة في الثواب وإما مسيء فيرجع عن إساءته خوفاً من العقاب فلذلك قدم أصحاب اليمين ليسمعوا ويرغبوا ثم ذكر أصحاب الشمال ليرهبوا ثم ذكر السابقين وهم الذين لا يحزنهم الفزع الأكبر ليجتهد أصحاب اليمين في القرب من جهنم ثم أثنى على السابقين فقال تعالى :﴿ أولئك المقربون ﴾ يعني من الله في جواره وفي ظل عرشه ودار كرامته وهو قوله :﴿ في جنات النعيم ﴾ قوله تعالى :﴿ ثلة ﴾ أي جماعة غير محصورة العدد، ﴿ من الأولين ﴾ يعني من الأمم الماضية من لدن آدم إلى زمن نبينا ﴿ وقليل من الآخرين ﴾ يعني من هذه الأمة وذلك لأن الذين عاينوا جميع الأنبياء وصدقوهم من الأمم الماضية أكثر ممن عاين النبي ( ﷺ ) وآمن به وقيل إن الأولين هم أصحاب رسول الله ( ﷺ ) وقيل من الآخرين أي ممن جاء بعدهم من الصحابة، ﴿ على سرر موضونة ﴾ أي منسوجة من الذهب والجوهر وقيل موضونة يعني مصفوفة ﴿ متكئين عليها ﴾ أي على السرر ﴿ متقابلين ﴾ يعني لا ينظر بعضهم في قفا بعض وصفوا بحسن العشرة في المجالسة وقيل لأنهم صاروا أرواحاً نورانية صافية ليس لهم أدبار وظهور.