الأولى ولم تكونوا شيئاً وفيه تقرير للنشاة الثانية يوم القيامة ﴿ فلولا تذكرون ﴾ أي بأني قادر على إعادتكم كما قدرت على إبدائكم أول مرة.
قوله تعالى :﴿ أفرأيتم ما تحرثون ﴾ لما ذكر الله تعالى ابتداء الخلق وما فيه من دلائل الوحدانية ذكر بعده الرزق لأن به البقاء وذكر أموراً ثلاثة المأكول والمشروب وما به إصلاح المأكول والمشروب ورتبه ترتيباً حسناً فذكر المأكول أولاً لأنه هو الغذاء وأتبعه المشروب لأن به الاستمراء ثم النار التي بها الإصلاح وذكر من أنواع المأكول الحب لأنه هو الأصل ومن المشروب الماء لأنه أيضاً هو الأصل وذكر من المصلحات النار لأن بها إصلاح أكثر الأغذية، فقوله أفرأيتم ما تحرثون أي ما تثيرون من الأرض وتلقون فيه البذر ﴿ أأنتم تزرعونه ﴾ أي تنبتونه وتنشئونه حتى يشتد ويقوم على سوقه ﴿ أم نحن الزارعون ﴾ معناه أأنتم فعلتم ذلك أم الله ولا شك في أن إيجاد احب في السنبل ليس بفعل أحد غير الله تعالى وإن كان إلقاء البذر من فعل الناس، ﴿ لو نشاء لجعلناه ﴾ يعني ما تحرثونه وتلقون فيه من البذر، ﴿ حطاماً ﴾ أي تبناً لا قمح فيه وقيل هشيماً لا ينتفع به في مطعم ولا غيره وقيل هو جواب لمعاند يقول نحن نحرثه وهو بنفسه يصير زرعاً لا بفعلنا ولا بفعل غيرنا فرد الله عليّ هذا المعاند بقوله لو نشاء لجعلناه حطاماً فهل تقدرون أنتم على حفظه أو هو يدفع عن نفسه بنفسه تلك الآفات التي تصيبه ولا يشك أحد في أن دفع الآفات ليس إلا بإذن الله وحفظه، ﴿ فظلتم تفكهون ﴾ أي تتعجبون مما نزل بكم في زرعكم وقيل تندمون على نفقاتكم وقيل تندمون على ما سلف منكم من المعاصي التي أوجبت تلك العقوبة وقيل تتلاومون وقيل تحزنون وقيل هو تلهف على ما فات.