وقد أخبر الله تعالى أنه أنزل من السماء ماء مباركاً فأنبت به جنات وحب الحصيد والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقاً للعباد فهذا معنى قوله :﴿ إنكم تكذبون ﴾، أي بهذا الخبر.
وقرأ عاصم في رواية المفضل عنه :" تَكْذبون " بفتح التاء وسكون الكاف وتخفيف الدال كقراءة علي بن أبي طالب. وكذبهم في مقالتهم بين، لأنهم يقولون هذا بنوء كذا وذلك كذب منهم وتخرص، وذكر الطبري أن النبي عليه السلام سمع رجلاً يقول : مطرنا ببعض عثانين الأسد، فقال له :" كذبت، بل هو رزق الله ".
قال القاضي أبو محمد : والنهي عنه المكروه هو أن يعتقد أن للطالع من النجوم تأثيراً في المطر، وأما مراعاة بعض الطوالع على مقتضى العادة، فقد قال عمر للعباس وهما في الاستسقاء : يا عباس، يا عم النبي عليه السلام كم بقي من نوء الثريا، فقال العباس : العلماء يقولون إنها تتعرض في الأفق بعد سقوطها سبعاً. قال ابن المسيب : فما مضت سبع حتى مطروا.
وقوله تعالى :﴿ فلولا إذا بلغت الحلقوم ﴾ توقيف على موضع عجز يقتضي النظر فيه أن الله تعالى ملك كل شيء، والضمير في :﴿ بلغت ﴾ لنفس الإنسان والمعنى يقتضيها وإن لم يتقدم لها ذكر.
و: ﴿ الحلقوم ﴾ مجرى الطعام، وهذه الحال هي نزاع المرء للموت.
وقوله :﴿ وأنتم ﴾ إشارة إلى جميع البشر، وهذا من الاقتضاب كقوله تعالى :﴿ ولا تقتلوا أنفسكم ﴾ [ النساء : ٢٩ ].
وقرأ عيسى بن عمر :" حينئِذ " بكسر النون. و: ﴿ تنظرون ﴾ معناه إلى المنازع في الموت.