﴿ أَفَرَءيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ ﴾ ما تمنونه أي تقذفونه في الأرحام من النطف ﴿ ءأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ ﴾ تقدرونه وتصورونه وتجعلونه بشراً سوياً ﴿ أَم نَحْنُ الخالقون نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الموت ﴾ تقديراً قسمناه عليكم قسمة الأرزاق على اختلاف وتفاوت كما تقتضيه مشيئتنا فاختلفت أعماركم من قصير وطويل ومتوسط ﴿ قَدَّرْنَآ ﴾ بالتخفيف : مكي سبقته بالشيء إذا أعجزته عنه وغلبته عليه، فمعنى قوله ﴿ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * على أَن نُّبَدّلَ أمثالكم ﴾ إنا قادرون على ذلك لا تغلبوننا عليه.
و﴿ أمثالكم ﴾ جمع مثل أي على أن نبدل منكم ومكانكم أشباهكم من الخلق ﴿ وَنُنشِئَكُمْ فِى مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ وعلى أن ننشئكم في خلق لا تعلمونها وما عهدتم بمثلها يعني أنا نقدر على الأمرين جميعاً : على خلق ما يماثلكم وما لا يماثلكم، فكيف نعجز عن إعادتكم؟ ويجوز أن يكون ﴿ أمثالكم ﴾ جمع مثل أي على أن نبدل ونغير صفاتكم التي أنتم عليها في خلقكم وأخلاقكم وننشئكم في صفات لا تعلمونها ﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النشأة الأولى ﴾ ﴿ النشاءة ﴾ مكي وأبو عمرو ﴿ فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾ أن من قدر على شيء مرة لم يمتنع عليه ثانياً، وفيه دليل صحة القياس حيث جهلهم في ترك قياس النشأة الأخرى على الأولى.


الصفحة التالية
Icon