ودخلت اللام على جواب لو في قوله ﴿ لَجَعَلْنَاهُ حطاما ﴾ ونزعت منه هنا، لأن "لو" لما كانت داخلة على جملتين معلقة ثانيتهما بالأولى تعلق الجزاء بالشرط ولم تكن مخلصة الشرط ك "إن" ولا عاملة مثلها وإنما سرى فيها معنى الشرط اتفاقاً من حيث إفادتها في مضموني جملتيها، أن الثاني امتنع لامتناع الأول افتقرت في جوابها إلى ما ينصب علماً على هذا التعلق، فزيدت هذه اللام لتكون علماً على ذلك، ولما شهر موقعه لم يبال بإسقاطه عن اللفظ لعلم كل أحد به وتساوي حالي حذفه وإثباته، على أن تقدم ذكرها والمسافة قصيرة مغنٍ عن ذكرها ثانية، ولأن هذه اللام تفيد معنى التأكيد لا محالة فأدخلت في آية المطعوم دون آية المشروب للدلالة على أن المطعوم مقدم على أمر المشروب، وأن الوعيد بفقده أشد وأصعب من قبل أن المشروب إنما يحتاج إليه تبعاً للمطعوم، ولهذا قدمت آية المطعوم على آية المشروب.
﴿ أَفَرَءيْتُمُ النار التى تُورُونَ ﴾ تقدحونها وتستخرجونها من الزناد، والعرب تقدح بعودين تحك أحدهما على الآخر ويسمون الأعلى الزند والأسفل الزندة شبهوهما بالفحل والطروقة ﴿ ءأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا ﴾ التي منها الزناد ﴿ أَم نَحْنُ المنشئون ﴾ الخالقون لها ابتداء ﴿ نَحْنُ جعلناها ﴾ أي النار ﴿ تَذْكِرَةٌ ﴾ تذكيراً لنار جهنم حيث علقنا بها أسباب المعاش وعممنا بالحاجة إليها البلوى لتكون حاضرة للناس ينظرون إليها ويذكرون ما أوعدوا به ﴿ ومتاعا ﴾ ومنفعة ﴿ لّلْمُقْوِينَ ﴾ للمسافرين النازلين في القواء وهي القفر، أو للذين خلت بطونهم أو مزاودهم من الطعام من قولهم "أقوت الدار" إذا خلت من ساكنيها.


الصفحة التالية
Icon