وأما الثاني فصحيح، لكنه هو الذي رجح عندنا أن تكون اللام في لا أقسم لام القسم، وأقسم فعل حال، والقسم قد يكون جواباً للقسم ؛ كما قال تعالى :﴿ وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى ﴾ فاللام في ﴿ وليحلفن ﴾ جواب قسم، وهو قسم، لكنه لما لم يكن حلفهم حالاً، بل مستقبلاً، لزمت النون، وهي مخلصة المضارع للاستقبال.
وقرأ الجمهور :﴿ بمواقع ﴾ جمعاً ؛ وعمر وعبد الله وابن عباس وأهل المدينة وحمزة والكسائي : بموقع مفرداً، مراداً به الجمع.
قال ابن عباس وعكرمة ومجاهد وغيرهم : هي نجوم القرآن التي أنزلت على رسول الله ( ﷺ )، ويؤيد هذا القول قوله :﴿ إنه لقرآن ﴾، فعاد الضمير على ما يفهم من قوله :﴿ بمواقع النجوم ﴾، أي نجوم القرآن.
وقيل : النجوم : الكواكب ومواقعها.
قال مجاهد وأبو عبيدة : عند طلوعها وغروبها.
وقال قتادة : مواقعها : مواضعها من السماء.
وقال الحسن : مواقعها عند الانكدار يوم القيامة.
وقيل : عند الانفضاض أثر العفاري، ومن تأول النجوم على أنها الكواكب، جعل الضمير في إنه يفسره سياق الكلام، كقوله :﴿ حتى توارت بالحجاب ﴾ وفي إقسامه تعالى بمواقع النجوم سر في تعظيم ذلك لا نعلمه نحن، وقد أعظم ذلك تعالى فقال :﴿ وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ﴾.
والجملة المقسم عليها قوله :﴿ إنه لقرآن كريم ﴾، وفصل بين القسم وجوابه ؛ فالظاهر أنه اعتراض بينهما، وفيه اعتراض بين الصفة والموصوف بقوله :﴿ لو تعلمون ﴾.
وقال ابن عطية :﴿ وإنه لقسم ﴾ تأكيد للأمر وتنبيه من المقسم به، وليس هذا باعتراض بين الكلامين، بل هذا معنى قصد التهمم به، وإنما الاعتراض قوله :﴿ لو تعلمون ﴾. انتهى.
وكريم : وصف مدح ينفي عنه مالا يليق به.
وقال الزمخشري :﴿ كريم ﴾ : حسن مرضي في جنسه من الكتب، أو نفاع جم المنافع، أو كريم على الله تعالى.
﴿ في كتاب مكنون ﴾ : أي مصون.
قال ابن عباس ومجاهد : الكتاب الذي في السماء.