وقال أبو السعود فى الآيات السابقة :
﴿ فَلاَ أُقْسِمُ ﴾
أي فأقسمُ ولا مزيدةٌ للتأكيد كما في قوله تعالى :﴿ لّئَلاَّ يَعْلَمَ ﴾ أو فَلأنا أقسمُ فحذف المبتدأ وأُشيع فتحةَ لام الابتداء، ويعضده قراءةُ من قرأَ فلأقسمُ أو فلا ردَّ لكلامٍ يخالفُ المقسمَ عليه، وأما ما قيلَ : من أنَّ المعنى فلا أقسمُ إذاً لأمرٍ أوضحَ من أنْ يحتاجَ إلى قسمٍ فيأباه تعيينُ المقسَمِ به وتفخيمُ شأنِ القسمِ به ﴿ بمواقع النجوم ﴾ أي بمساقطِها وهي مغاربُها وتخصيصُها بالقسم لما في غروبها من زوالِ أثرِها والدلالةِ على وجودِ مؤثرٍ دائمٍ لا يتغيرُ أو لأن ذلكَ وقتُ قيامِ المتهجدينَ والمبتهلينَ إليه تعالى وأوانُ نزولِ الرحمةِ والرضوانِ عليهم أو بمنازلها ومجاريها فإنَّ له تعالَى في ذلك من الدليلِ على عظمِ قُدرتِه وكمالِ حكمتِه ما لا يحيطُ به البيانُ وقيل : النجومُ نجومُ القرآنِ ومواقعُها أوقاتُ نزولِها وقوله تعالى :﴿ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾ اعتراضٌ في اعتراضٍ قُصدَ به المبالغةُ في تحقيق مضمونِ الجملةِ والقسيمةِ وتأكيدِه حيث اعترضَ بقوله وإنه لقسمٌ بين القسمِ وجوابِه الذي هُو قولُه تعالى :
﴿ إِنَّهُ لَقُرْءانٌ كَرِيمٌ ﴾ أي كثيرُ النفعِ لاشتمالِه على أصولِ العلومِ المهمةِ في صلاحِ المعاشِ والمعادِ أو حسنٌ مرضيٌّ أو كريمٌ عند الله تعالى وقوله تعالى لو تعلمونَ وُسّط بينَ الموصوفِ وصفتِه، وجوابُ لو إما متروكٌ أريدَ به نفيُ علمِهم أو محذوفٌ ثقةٍ بظهورِه أي لعظمتموه أو لعملتُم بموجبهِ.


الصفحة التالية
Icon