﴿ فِى كتاب مَّكْنُونٍ ﴾ أي مصونٍ من غيرِ المقربين من الملائكةِ لا يطلعُ عليه مَنْ سواهم وهو اللوحُ ﴿ لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ المطهرون ﴾ إمَّا صفةٌ أخرى لكتاب فالمرادُ بالمطهرين الملائكةُ المنزهون عن الكدوراتِ الجُسمانيةِ وأوضارِ الأوزارِ أو للقرآنِ فالمرادُ بهم المطهرون من الأحداثِ فيكون نفياً بمعنى النهي أي لا ينبغي أنْ يمسَّه إلا من كان على طهارةٍ من الناسِ على طريقةِ قولِه عليه الصلاةُ والسلامُ :" المسلمُ أخُو المسلمِ لا يظلمُه ولا يُسلُمه " أي لا ينبغي له أن يظلَمه أو يُسلَمه إلى مَنْ يظلمُه وقيلَ : لا يطلبه إلا المطهرون من الكفرِ وقرىء المُتطهرونَ والمُطَّهرونَ بالإدغامِ والمُطْهرون من أطهرَهُ بمعنى طهَّره والمطَّهروَن أي أنفسهَم أو غيرَهم بالاستغفارِ أو غيرِه ﴿ تَنزِيلٌ مّن رَّبّ العالمين ﴾ صفةٌ أخرى للقرآن وهو مصدرٌ نعت به حتى جرى مجرى اسمِه وقُرىء تنزيلاً ﴿ أفبهذا الحديث ﴾ الذي ذكرتُ نعوتُه الجليلةُ الموجبةُ لإعظامِه وإجلالِه وهو القرآنُ الكريمُ ﴿ أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ ﴾ أي متهاونونَ به كمن يُدْهِنُ في الأمرِ أي يُلينُ جانبه ولا يتصلبُ فيه تهاوناً به ﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ ﴾ أي شكرَ رزقكم ﴿ أَنَّكُمْ تُكَذّبُونَ ﴾ أي تضعونَ التكذيبَ موضعَ الشكرِ وقرىء وتجعلون شُكركم أنَّكم تكذبونَ أي تجعلون شكركم لنعمةِ القرآن أنكم تكذبونَ به وقيل : الرزقُ المطرُ والمعنى وتجعلونَ شكرَ ما يرزقكم الله تعالى من الغيثِ أنكم تكذبونَ بكونِه من الله تعالى حيثُ تنسُبونه إلى الأنواءِ والأولُ هو الأوفقُ لسباق النظم الكريمِ وسياقهِ فإنَّ قولَه عزَّ وجلَّ :