ومما قاله السادة أرباب الإشارة : متعلقاً ببعض هذه السورة الكريمة أن ﴿ الواقعة ﴾ اسم لقيامة الروح كما أن ﴿ الازفة ﴾ اسم لقيامة الخفي، و﴿ الحاقة ﴾ اسم لقيامة السر، و﴿ الساعة ﴾ اسم لقيامة القلب، وقالوا : إن الواقعة إذا وقعت ترفع صاحبها طوراً وتخفضه طوراً وتشعل نيران الغيرة وتفجر أنهار المعرفة وتحصل للسالك إذا اشتغل بالسلوك والتصفية ووصل ذكره إلى الروح وهي في البداية مثل ستر أسود يجىء من فوق الرأس عند غلبة الذكر وكلما زاد في النزول يقع على الذاكر هيبة وسكينة وربما يغمى عليه في البداية ويشاهد إذا وقع على عينيه عوالم الغيب فيرى ما شاء الله تعالى أن يرى وتكشف له العلوم الروحانية ويرى عجائب وغرائب لا تحصى، وإذا أفاق فليعرض ما حصل له لمسلكه ليرشده إلى ما فيه مصلحة وقته ويعبر له ما هو مناسب لحوصلته ويقوي قلبه ويأمره بالذكر والتوجه الكلي حتى يكمل بصفو سر الواقعة فيكون سراً منوراً فربما يصير السالك بحيث إذا فتح عينيه بعد نزولها في عالم الشهادة يشاهد ما كان مشاهداً له فيها وهي حالة سنية معتبرة عند أرباب السلوك فليس لوقعتها كاذبة بل هي صادقة لأن الشيطان يفر عندها والنفس لا تقدر أن تلبس على صاحبها وهي اليقظة الحقيقية وما يعده الناس يقظة هو النوم كما يشير إليه قول أمير المؤمنين علي كرم الله تعالى وجهه : الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا، ثم أنهم تكلموا على أكثر ما في السورة الجليلة بما يتعلق بالأنفس، وقالوا في مواقع النجوم : إنها إشارة إلى اللطائف المطهرة لأنها مواقع نجوم الواردات القدسية الخفية من السماء الجبروتية اللاهوتية، وقيل : في قوله تعالى :﴿ لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ المطهرون ﴾ [ الواقعة : ٧٩ ] إن فيه إشارة إلى أنه لا ينبغي لمن لم يكن طاهر النفس من حدث الميل إلى صغائر الشهوات وهو الحدث الأصغر ومن حدث الميل إلى كبائر الشهوات وهو الحدث الأكبر أن يمس بيد نفسه وفكره معاني القرآن