وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
قوله :﴿ فَلاَ أُقْسِمُ ﴾
ذهب جمهور المفسرين إلى أن " لا " مزيدة للتوكيد، والمعنى : فأقسم، ويؤيد هذا قوله بعد :﴿ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ ﴾ وقال جماعة من المفسرين : إنها للنفي، وإن المنفيّ بها محذوف، وهو كلام الكفار الجاحدين.
قال الفراء : هي نفي، والمعنى : ليس الأمر كما تقولون.
ثم استأنف، فقال : أقسم، وضعف هذا بأن حذف اسم لا وخبرها غير جائز، كما قال أبو حيان، وغيره.
وقيل : إنها لام الابتداء، والأصل : فلا أقسم، فأشبعت الفتحة، فتولد منها ألف، كقول الشاعر :
أعوذ بالله من العقراب.
... وقد قرأ هكذا :( فلأقسم ) بدون ألف الحسن، وحميد، وعيسى بن عمر، وعلى هذا القول، وهذه القراءة يقدّر مبتدأ محذوف، والتقدير : فلأنا أقسم بذلك.
وقيل : إن لا هنا بمعنى ألا التي للتنبيه، وهو بعيد.
وقيل : لا هنا على ظاهرها، وإنها لنفي القسم، أي : فلا أقسم على هذا ؛ لأن الأمر أوضح من ذلك، وهذا مدفوع بقوله :﴿ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾ مع تعيين المقسم به، والمقسم عليه، ومعنى قوله :﴿ بمواقع النجوم ﴾ مساقطها، وهي مغاربها كذا قال قتادة، وغيره.
وقال عطاء بن أبي رباح : منازلها.
وقال الحسن : انكدارها وانتثارها يوم القيامة، وقال الضحاك : هي الأنواء التي كان أهل الجاهلية يقولون مطرنا بنوء كذا.
وقيل : المراد بمواقع النجوم : نزول القرآن نجوماً من اللوح المحفوظ، وبه قال السديّ، وغيره، وحكى الفراء عن ابن مسعود أن مواقع النجوم هو محكم القرآن.
قرأ الجمهور :﴿ مواقع ﴾ على الجمع، وقرأ ابن مسعود، والنخعي، وحمزة، والكسائي، وابن محيصن وورش عن يعقوب " بموقع " على الإفراد.
قال المبرد : موقع هاهنا مصدر، فهو يصلح للواحد والجمع.


الصفحة التالية
Icon