ثم أخبر سبحانه عن تعظيم هذا القسم وتفخيمه، فقال :﴿ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾ هذه الجملة معترضة بين المقسم به، والمقسم عليه، وقوله :﴿ لَّوْ تَعْلَمُونَ ﴾ جملة معترضة بين جزأي الجملة المعترضة، فهو اعتراض في اعتراض.
قال الفراء، والزجاج : هذا يدل على أن المراد بمواقع النجوم نزول القرآن، والضمير في ﴿ إنه ﴾ على القسم الذي يدل عليه أقسم، والمعنى أن القسم بمواقع النجوم لقسم عظيم لو تعلمون.
ثم ذكر سبحانه المقسم عليه فقال :﴿ إِنَّهُ لَقُرْءانٌ كَرِيمٌ ﴾ أي : كرّمه الله وأعزّه، ورفع قدره على جميع الكتب، وكرّمه عن أن يكون سحراً أو كهانة أو كذباً، وقيل : إنه كريم لما فيه من كرم الأخلاق ومعالي الأمور، وقيل : لأنه يكرم حافظه، ويعظم قارئه.
وحكى الواحدي عن أهل المعاني أن وصف القرآن بالكريم لأن من شأنه أن يعطي الخير الكثير بالدلائل التي تؤدّي إلى الحق في الدين.
قال الأزهري : الكريم اسم جامع لما يحمد، والقرآن كريم يحمد لما فيه من الهدى والبيان والعلم والحكمة.
﴿ فِى كتاب مَّكْنُونٍ ﴾ أي : مستور مصون، وقيل : محفوظ عن الباطل، وهو اللوح المحفوظ قاله جماعة، وقيل : هو كتاب.
وقال عكرمة : هو التوراة والإنجيل فيهما ذكر القرآن، ومن ينزل عليه، وقال السديّ : هو الزبور.
وقال مجاهد، وقتادة : هو المصحف الذي في أيدينا.
﴿ لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ المطهرون ﴾ قال الواحدي : أكثر المفسرين على أن الضمير عائد إلى الكتاب المكنون، أي : لا يمس الكتاب المكنون إلاّ المطهرون، وهم الملائكة وقيل : هم الملائكة والرسل من بني آدم، ومعنى ﴿ لاَّ يَمَسُّهُ ﴾ : المسّ الحقيقي، وقيل : معناه لا ينزل به إلاّ المطهرون، وقيل : معناه لا يقرؤه، وعلى كون المراد بالكتاب المكنون هو القرآن، فقيل :﴿ لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ المطهرون ﴾ من الأحداث والأنجاس.