﴿ وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ ﴾ إلى ما هو فيه ذلك الذي بلغت نفسه أو روحه الحلقوم.
قال الزجاج : وأنتم يا أهل الميت في تلك الحال ترون الميت قد صار إلى أن تخرج نفسه، والمعنى : أنهم في تلك الحال لا يمكنهم الدفع عنه، ولا يستطيعون شيئًا ينفعه، أو يخفف عنه ما هو فيه ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ ﴾ أي : بالعلم، والقدرة، والرؤية، وقيل : أراد ورسلنا الذين يتولون قبضه أقرب إليه منكم ﴿ ولكن لاَّ تُبْصِرُونَ ﴾ أي : لا تدركون ذلك ؛ لجهلكم بأن الله أقرب إلى عبده من حبل الوريد، أو لا تبصرون ملائكة الموت الذين يحضرون الميت ويتولون قبضه ﴿ فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ.
تَرْجِعُونَهَا ﴾
يقال : دان السلطان رعيته : إذا ساسهم واستعبدهم.
قال الفراء : دنته : ملكته، وأنشد للحطيئة :
لقد دنت أمر بنيك حتى... تركتهم أدق من الطحين
أي : ملكت، ويقال : دانه إذا أذله واستعبده، وقيل : معنى ﴿ مدينين ﴾ : محاسبين، وقيل : مجزيين، ومنه قول الشاعر :
ولم يبق سوى العدوا... ن دناهم كما دانوا
والمعنى الأوّل ألصق بمعنى الآية، أي : فهلا إن كنتم غير مربوبين ومملوكين ترجعونها، أي : النفس التي قد بلغت الحلقوم إلى مقرّها الذي كانت فيه ﴿ إِن كُنتُمْ صادقين ﴾ ولن ترجعوها، فبطل زعمكم إنكم غير مربوبين ولا مملوكين، والعامل في قوله :﴿ إِذَا بَلَغَتِ ﴾ هو قوله :﴿ تَرْجِعُونَهَا ﴾، و " لولا " الثانية تأكيد للأولى قال الفراء : وربما أعادت العرب الحرفين ومعناهما واحد.
ثم ذكر سبحانه طبقات الخلق عند الموت وبعده فقال :﴿ فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ المقربين ﴾ أي : السابقين من الثلاثة الأصناف المتقدّم تفصيل أحوالهم ﴿ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّة وَنَعِيم ﴾ قرأ الجمهور ﴿ روح ﴾ بفتح الراء، ومعناه : الراحة من الدنيا، والاستراحة من أحوالها.
وقال الحسن : الروح : الرحمة.
وقال مجاهد : الروح : الفرح.


الصفحة التالية
Icon