ترفع البشرى، والجنات، ولو نويت بالبشرى النصبَ توقع عليها تبشير الملائكة، كأنه قيل لهم: أبشروا ببشراكم، ثم تنصب جناتٍ، توقع البشرى عليها.
وإن شئت نصبتها على القطع ؛ لأنها نكرة من نعتِ معرفةٍ، ولو رفعتَ البشرى باليوم كقولك: اليوم بشراكم اليوم سروركم، ثم تنصب الجنات على القطع، ويكون فى هذا المعنى رفع اليوم ونصبه كما قال الشاعر:
زَعم البوارِحُ أنَّ رِحلتنا غدا * وبذاك خبرنا الغُدافُ الأسود
وقوله: ﴿ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ...﴾ وهى فى قراءة عبدالله: "ذلك الفوز العظيم" بغير هو.
وفى قراءتنا "ذلك هو الفوز العظيم": كما كان فى قراءتنا "فإنَّ اللهَ هُو الغَنِىّ الحميد" وفى كتاب أهل المدينة: "فإن الله الغنى الحميد".
﴿ يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَالْتَمِسُواْ نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ ﴾
وقوله: ﴿لِلَّذِينَ آمَنُواْ انظُرُونَا...﴾ وقرأها يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة (أَنْظِرُونا). ومن أنظرت، وسائر القراء على (انْظُرُونَا) بتخفيف الألف، ومعنى: انظرُونا. انتظِرونا، ومعنى أنظِرونا، أخرونا كما قال: ﴿أَنْظِرْنى إلى يوم يُبعثون﴾، وقد تقول العرب: "انظِرْنى" وهم يريدون: انتظرنى تقويةٌ لقراءة يحيى، قال الشاعر:
أبا هندٍ فلا تَعْجَل علينا * وأَنْظِرنا نُخَبِّرْك اليقِينا
فمعنى هذه: انتظرنا قليلاً نخبرك ؛ لأنه ليس هاهنا تأخير، إنما استماع كقولك للرجل: اسمع منى حتى أخبرك:
وقوله: ﴿قِيلَ ارْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ...﴾.
قال المؤمنون للكافرين: ارجعوا إلى الموضع الذى أَخذنا منه [/ب] النور، فالتمسوا النور منه، فلما رجعوا ضرب الله عز وجل بينهم: بين المؤمنين والكفار بسور، وهو السور الذى يكون عليه أهل الأعراف.