فلا يستوون عند اللّه بل بينهما بون شاسع "مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ" الظفر الأوّل الذي هو مبدأ الفتوحات وهو صلح الحديبية الذي رأى المسلمون فيه حيفا وميلا لما فيه من الشّروط المجحفة ولم يعلموا أن عاقبته خير وأن الانفجار لا يحصل إلّا من الضّيق وأن الفرج لا يكون غالبا إلّا بعد الشّدة واليسر بعد العسر ولذلك سماء اللّه فتحا وفيه بشارة إلى فتح مكة له صلى اللّه عليه وسلم وهو الفتح العظيم، ولهذا قال
بعضهم إن هذه الآية تشير إلى فتح مكة اعلموا أنه لا يستوي منكم من قام بالإنفاق "وَقاتَلَ" قبله ممن أنفق وقاتل بعده إذ قد لا تكون حاجة ماسة بعد الفتح بسبب ما يفتحه اللّه عليهم من البلاد ويقيض عليهم من أبواب الرّزق وما يفيضه عليهم من المال بعد ذلك فلم يحتاجوا إليكم "أُولئِكَ" المقاتلون المنفقون حال الضّيق والشّدة والقلة والحاجة "أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا" بعد الظّفر وكثرة المسلمين والمال "وَكُلًّا" من الفريقين "وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى " المنزلة الحسنة التي لا أحسن منها وهي الجنّة ولكنها درجات متفاوتة بحسب الأعمال "وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ" (١٠) نزلت هذه الآية في أبي بكر الصّديق لأنه أول من أسلم وأول من أنفق وأول من ذب عن رسول اللّه بنفسه وماله وأولها في حادثة الغار وآخرها في واقعة تبوك.