ويمكن أن يقال : إن ما يكون من النور لهذه الأمة أجلى من النور الذي يكون لغيرها أو هو ممتاز بنوع آخر من الامتياز، وأما إيتاء الكتب بالأيمان فعله لكثرته فيها بالنسبة إلى سائر الأمم تعرف به، وفي هذا المطلب أبحاث أخر تذكر إن شاء الله تعالى في محلها، وقيل : أريد بالنور القرآن، وقال الضحاك : النور استعارة عن الهدى والرضوان الذي هم فيه، وقرأ سهل بن شعيب السهمي.
وأبو حيوة ﴿ وبأيمانهم ﴾ بكسر الهمزة، وخرج ذلك أبو حيان على أن الظرف يعني بين أيديهم متعلق بمحذوف والعطف عليه بذلك الاعتبار أي كائناً بين أيديهم وكائناً بسبب إيمانهم وهو كما ترى، ولعله متعلق بالقول المقدر في قوله تعالى :
﴿ بُشْرَاكُمُ اليوم جنات ﴾ أي وبسبب إيمانهم يقال لهم ذلك، وجملة القول، إما معطوفة على ما قبل أو استئناف أو حال ويجوز على الحالية تقدير الوصف منه أي مقولاً لهم، والقائل الملائكة الذين يتلقونهم.
والمراد بالبشرى مايبشر به دون التبشير والكلام على حذف مضاف أي ما تبشرون به دخول جنات يصح بدونه أي ما تبشرون به جنات، ويصح بدونه أي ما تبشرون به جنات، وما قيل : البشارة لاتكون بالأعيان فيه نظر، وتقدير المضاف لا يغني عن تأويل البشرى لأن التبشير ليس عين الدخول، وجملة قوله تعالى :﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار ﴾ في موضعه الصفة لجنات، وقوله سبحانه :﴿ خالدين فِيهَا ﴾ حال من جنات، قال أبو حيان : وفي الكلام التفات من ضمير الخطاب في ﴿ بُشْرَاكُمُ ﴾ إلى ضمير الغائب في ﴿ خالدين ﴾ ولو أجرى على الخطاب لكان التركيب خالداً أنتم فيها :