﴿ والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ عبارة عن إحاطته بأعمالهم وتأخير صفة العلم الذي هو من صفات الذات عن الخلق الذي هو من صفات الأفعال مع أن صفات الذات متقدمة على صفات الأفعال لما أن المراد الإشارة إلى ما يدور عليه الجزاء من العلم التابع للمعلوم، وقيل : إن الخلق دليل العلم إذ يستدل بخلقه تعالى وإيجاده سبحانه لمصنوعاته المتقنة على أنه عز وجل عالم ومن شأن المدلول التأخر عن الدليل لتوقفه عليه، وقوله تعالى :
﴿ لَّهُ مُلْكُ السماوات والأرض ﴾ تكرير للتأكيد وتمهيد لقوله سبحانه المشعر بالإعادة :
﴿ وَإِلَى الله تُرْجَعُ الامور ﴾ أي إليه تعالى وحده لا إلى غيره سبحانه استقلالاً أو اشتراكاً ترجع جميع الأمور أعراضها وجواهرها، وقرأ الحسن.
وابن أبي إسحاق.
والأعرج ﴿ تُرْجَعُ ﴾ مبنياً للفاعل من رجع رجوعاً، وعلى البناء للمفعول كما في قراءة الجمهور هو من رجع رجعاً.
﴿ يُولِجُ الليل فِى النهار وَيُولِجُ النهار فِى الليل ﴾ مر تفسيره مراراً ؛ وقوله تعالى :﴿ وَهُوَ عَلِيمٌ ﴾ أي مبالغ في العلم ﴿ بِذَاتِ الصدور ﴾ أي بمكنوناتها اللازمة لها بيان لإحاطة علمه تعالى بما يضمرونه من نياتهم بعد بيان إحاطة بأعمالهم التي يظهرونها، وجوز أن يراد ﴿ بِذَاتِ الصدور ﴾ نفسها وحقيقتها على أن الإحاطة بما فيها تعلم بالأولى. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٢٧ صـ ﴾