﴿ وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ بالله ﴾ استئناف قيل : مسوق لتوبيخهم على ترك الايمان حسبما أمروا به بإنكار أن يكون لهم في ذلك عذر ما في الجملة على أن لا تؤمنون حال من ضمير لكم والعامل ما فيه من معنى الاستقرار أي أيّ شيء حصل لكم غير مؤمنين على توجيه الانكار والنفي إلى السبب فقط مع تحقق المسبب وهو مضمون الجملة الحالية أعني عدم الايمان فأي لإنكار سبب الواقع ونفيه فقط، ونظيره قوله تعالى :﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾ [ نوح : ١٣ ] وقد يتوجه الانكار والنفي في مثل هذا التركيب لسبب الوقوع فيسريان إلى المسبب أيضاً كما في قوله تعالى :﴿ وَمَا لِىَ لاَ أَعْبُدُ ﴾ [ يس : ٢٢ ] الخ ولا يمكن إجراء ذلك هنا لتحقق عدم الايمان وهذا المعنى مما لا غبار عليه، وقوله تعالى :﴿ والرسول يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُواْ بِرَبّكُمْ ﴾ حال من ضمير ﴿ لاَ تُؤْمِنُونَ ﴾ مفيدة على ما قيل : لتوبيخهم على الكفر مع تحقق ما يوجب عدمه بعد توبيخهم عليه مع عدم ما يوجبه، ولام ﴿ لّتُؤْمِنُواْ ﴾ صلة يدعو وهو يتعدى بها وبإلى أي وأي عذر في ترك الايمان ﴿ والرسول يَدْعُوكُمْ ﴾ إليه وينبهكم عليه، وجوّز أن تكون اللام تعليلية وقوله سبحانه :﴿ وَقَدْ أَخَذَ ميثاقكم ﴾ حال من فاعل يدعوكم أو من مفعوله أي وقد أخذ الله ميثاقكم بالايمان من قبل كما يشعر به تخالف الفعلين مضارعاً وماضياً، وجوز كونه حالاً معطوفة على الحال قبلها فالجملة حال بعد حال من ضمير ﴿ تُؤْمِنُونَ ﴾ والتخالف بالاسمية والفعلية يبعد ذلك في الجملة، وأياً مّا كان فأخذ الميثاق إشارة إلى ما كان منه تعالى من نصب الأدلة الآفاقية والأنفسية والتمكين من النظر فقوله تعالى :﴿ والرسول يَدْعُوكُمْ ﴾ إشارة إلى الدليل السمعي وهذا إشارة إلى الدليل العقلي وفي التقديم والتأخير ما يؤيد القول بشرف السمعي على العقلي.