ذكر في منافع الميزان أن يقوم الناس بالقسط، والقسط والإقساط هو الإنصاف وهو أن تعطى قسط غيرك كما تأخذ قسط نفسك، والعادل مقسط قال الله تعالى :﴿إِنَّ الله يُحِبُّ المقسطين﴾ [ الحجرات : ٩ ] والقاسط الجائر قال تعالى :﴿وَأَمَّا القاسطون فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَباً﴾ [ الجن : ١٥ ] وأما الحديد ففيه البأس الشديد فإن آلات الحروب متخذة منه، وفيه أيضاً منافع كثيرة منها قوله تعالى :﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ﴾ [ الأنبياء : ٨٠ ] ومنها أن مصالح العالم، إما أصول، وإما فروع، أما الأصول فأربعة : الزراعة والحياكة وبناء البيوت والسلطنة، وذلك لأن الإنسان مضطر إلى طعام يأكله وثوب يلبسه وبناء يجلس فيه، والإنسان مدني بالطبع فلا تتم مصلحته إلا عند اجتماع جمع من أبناء جنسه يشتغل كل واحد منهم بمهم خاص، فحينئذ ينتظم من الكل مصالح الكل، وذلك الانتظام لا بد وأن يفضي إلى المزاحمة، ولا بد من شخص يدفع ضرر البعض عن البعض، وذلك هو السلطان، فثبت أنه لا تنتظم مصلحة العالم إلا بهذه الحروف الأربعة، أما الزراعة فمحتاجة إلى الحديد، وذلك في كرب الأراضي وحفرها، ثم عند تكون هذه الحبوب وتولدها لا بد من خبزها وتنقيتها، وذلك لا يتم إلا بالحديد، ثم الحبوب لا بد من طحنها وذلك لا يتم إلا بالحديد، ثم لا بد من خبزها ولا يتم إلا بالنار، ولا بد من المقدحة الحديدية، وأما الفواكه فلا بد من تنظيفها عن قشورها، وقطعها على الوجوه الموافقة للأكل ولا يتم ذلك إلا بالحديد، وأما الحياكة فمعلوم أنه يحتاج في آلات الحياكة إلى الحديد ثم يحتاج في قطع الثياب وخياطتها إلى الحديد، وأما البناء فمعلوم أن كمال الحال فيه لا يحصل إلا بالحديد، وأما أسباب السلطنة فمعلوم أنها لا تتم ولا تكمل إلا بالحديد، وعند هذا يظهر أن أكثر مصالح العالم لا تتم إلا بالحديد، ويظهر أيضاً أن الذهب لا يقوم مقام الحديد في شيء من