قوله :﴿والشهداء﴾ فيه قولان : الأول : أنه عطف على الآية الأولى والتقدير : إن الذين آمنوا بالله ورسله هم الصديقون وهم الشهداء، قال مجاهد : كل مؤمن فهو صديق وشهيد وتلا هذه الآية، جذا القول اختلفوا في أنه لم سمي كل مؤمن شهيد ؟ فقال بعضهم لأن المؤمنين هم الشهداء عند ربهم على العباد في أعمالهم، والمراد أنهم عدول الآخرة الذي تقبل شهادتهم، وقال الحسن : السبب في هذا الاسم أن كل مؤمن فإنه يشهد كرامة ربه، وقال الأصم : كل مؤمن شهيد لأنه قائم لله تعالى بالشهادة فيما تعبدهم به من وجوب الإيمان ووجوب الطاعات وحرمة الكفر والمعاصي، وقال أبو مسلم : قد ذكرنا أن الصديق نعت لمن كثر منه الصدق وجمع صدقاً إلى صدق في الإيمان بالله تعالى ورسله فصاروا بذلك شهداء على غيرهم القول الثاني : أن قوله :﴿والشهداء﴾ ليس عطفاً على ما تقدم بل هو مبتدأ، وخبره قوله :﴿عِندَ رَبّهِمْ﴾ أو يكون ذلك صفة وخبره هو قوله :﴿لَهُمْ أَجْرُهُمْ﴾ وعلى هذا القول اختلفوا في المراد من الشهداء، فقال الفراء والزجاج : هم الأنبياء لقوله تعالى :﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هَؤُلاء شَهِيداً﴾ [ النساء : ٤١ ] وقال مقاتل ومحمد بن جرير : الشهداء هم الذين استشهدوا في سبيل الله، وروى عن النبي ﷺ أنه قال :" ما تعدون الشهداء فيكم ؟ " قالوا : المقتول، فقال :" إن شهداء أمتي إذاً لقليل، ثم ذكر أن المقتول شهيد، والمبطون شهيد، والمطعون شهيد " الحديث.
واعلم أنه تعالى لما ذكر حال المؤمنين، أتبعه بذكر حال الكافرين فقال :﴿والذين كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٩ صـ ٢٠١ ـ ٢٠٢﴾