وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إِنَّ المصدقين والمصدقات ﴾
قرأ ابن كثير وأبو بكر عن عاصم بتخفيف الصاد فيهما من التصديق، أي المصدّقين بما أنزل الله تعالى.
الباقون بالتشديد أي المتصدقين والمتصدقات فأدغِمت التاء في الصاد، وكذلك في مصحف أُبيّ.
وهو حثٌّ على الصدقات، ولهذا قال :﴿ وَأَقْرَضُواْ الله قَرْضاً حَسَناً ﴾ بالصدقة والنفقة في سبيل الله.
قال الحسن : كل ما في القرآن من القرض الحسن فهو التطوع.
وقيل : هو العمل الصالح من الصدقة وغيرها محتسباً صادقاً.
وإنما عطف بالفعل على الاسم، لأن ذلك الاسم في تقدير الفعل، أي إن الذين صدّقوا وأقرضوا ﴿ يُضَاعَفُ لَهُمْ ﴾ أمثالها.
وقراءة العامة بفتح العين على ما لم يسم فاعله.
وقرأ الأعمش "يُضَاعِفُه" بكسر العين وزيادة هاء.
وقرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب "يُضَعَّفُ" بفتح العين وتشديدها.
﴿ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ ﴾ يعني الجنة.
قوله تعالى :﴿ والذين آمَنُواْ بالله وَرُسُلِهِ أولئك هُمُ الصديقون والشهدآء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ﴾ اختلف في ﴿ والشهدآء ﴾ هل هو مقطوع مما قبل أو متصل به.
فقال مجاهد وزيد بن أسلم : إن الشهداء والصدّيقين هم المؤمنون وأنه متصل ؛ وروي معناه عن النبيّ ﷺ فلا يوقف على هذا على قوله :﴿ الصديقون ﴾ وهذا قول ابن مسعود في تأويل الآية.
قال القشيري قال الله تعالى :﴿ فأولئك مَعَ الذين أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم مِّنَ النبيين والصديقين والشهدآء والصالحين ﴾ [ النساء : ٦٩ ] فالصدّيقون هم الذين يتلون الأنبياء، والشهداء هم الذين يتلون الصدّيقين، والصالحون يتلون الشهداء، فيجوز أن تكون هذه الآية في جملة من صدّق بالرسل ؛ أعني ﴿ والذين آمَنُواْ بالله وَرُسُلِهِ أولئك هُمُ الصديقون والشهدآء ﴾.


الصفحة التالية
Icon