ويكون المعنى بالشهداء من شهد لله بالوحدانية، فيكون صدّيق فوق صدّيق في الدرجات ؛ كما قال النبيّ ﷺ :" إن أهل الجنات العلا ليراهم من دونهم كما يرى أحدكم الكوكب الذي في أفق السماء وإن أبا بكر وعمر منهم وأنْعَمَا " وروي عن ابن عباس ومسروق أن الشهداء غير الصدّيقين.
فالشهداء على هذا منفصل مما قبله والوقف على قوله :﴿ الصديقون ﴾ حسن.
والمعنى ﴿ والشهدآء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ﴾ أي لهم أجر أنفسهم ونور أنفسهم.
وفيهم قولان أحدهما أنهم الرسل يشهدون على أممهم بالتصديق والتكذيب ؛ قاله الكلبي ؛ ودليله قوله تعالى :﴿ وَجِئْنَا بِكَ على هؤلاء شَهِيداً ﴾ [ النساء : ٤١ ].
الثاني أنهم أمم الرسل يشهدون يوم القيامة، وفيما يشهدون به قولان : أحدهما أنهم يشهدون على أنفسهم بما عملوا من طاعة ومعصية.
وهذا معنى قول مجاهد.
الثاني يشهدون لأنبيائهم بتبليغهم الرسالة إلى أممهم ؛ قاله الكلبي.
وقال مقاتل قولاً ثالثاً : إنهم القتلى في سبيل الله تعالى.
ونحوه عن ابن عباس أيضاً قال : أراد شهداء المؤمنين.
والواو واو الابتداء.
والصدّيقون على هذا القول مقطوع من الشهداء.
وقد اختلف في تعيينهم ؛ فقال الضحاك : هم ثمانية نفر ؛ أبو بكر وعليّ وزيد وعثمان وطلحة والزبير وسعد وحمزة.
وتابعهم عمر بن الخطاب رضي الله عنهم ؛ ألحقه الله بهم لما صدق نبيّه صلى الله عليه وسلم.
وقال مقاتل بن حيان : الصدّيقون هم الذين آمنوا بالرسل ولم يكذبوهم طرفة عين، مثل مؤمن آل فرعون، وصاحب آل ياسين، وأبي بكر الصديق، وأصحاب الأخدود.
قوله تعالى :﴿ والذين كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ ﴾ أي بالرسل والمعجزات ﴿ أولئك أَصْحَابُ الجحيم ﴾ فلا أجر لهم ولا نور. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٧ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon