وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ الله ﴾
ومعنى :﴿ ألم يأن ﴾ ألم يحن، ويقال : أنى الشيء يأني، إذا حان ومنه قول الشاعر :[ الوافر ]
تمخضت المنون له بيوم... أنى ولكل حاملة تمام
وقرأ الحسن بن أبي الحسن :" ألما يأن ". وروي عنه أنه قرأ " ألم يين ".
وهذه الآية على معنى الحض والتقريع، قال ابن عباس : عوتب المؤمنون بهذه الآية بعد ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن، وسمع الفضل بن موسى قارئاً يقرأ هذه الآية، والفضل يحاول معصية، فكانت الآية سبب توبته. وحكى الثعلبي عن ابن المبارك أنه في صباه حرك العود ليضربه، فإذا به قد نطق بهذه الآية، فتاب ابن المبارك وكسر العود وجاء التوفيق. والخشوع : الإخبات والتطامن، وهي هيئة تظهر في الجوارح متى كانت في القلب، فلذلك خص تعالى القلب بالذكر. وروى شداد بن أوس عن النبي ﷺ أنه قال :" أول ما يرفع من الناس الخشوع ".
وقوله تعالى :﴿ لذكر الله ﴾ أي لأجل ذكر الله ووحيه الذي بين أظهرهم، ويحتمل أن يكون المعنى : لأجل تذكير الله إياهم وأوامره فيهم.
وقرأ عاصم في رواية حفص ونافع :" وما نزَل " مخفف الزاي. وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم :" نزّل " بشد الزاي على معنى : نزّل الله من الحق. وقرأ أبو عمرو في رواية عباس وهي قراءة الجحدري وابن القعقاع :" نزِّل " بكسر الزاي وشدها. وقرأ نافع وأبو عمرو والأعرج وأبو جعفر :" ولا يكونوا " بالياء على ذكر الغيب.
وقرأ حمزة فيما روى عنه سليم : ولا تكونوا " بالتاء على مخاطبة الحضور.


الصفحة التالية
Icon