وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ اعلموا أَنَّمَا الحياة الدنيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ﴾
وجه الاتصال أن الإنسان قد يترك الجهاد خوفاً على نفسه من القتل، وخوفاً من لزوم الموت ؛ فبين أن الحياة الدنيا منقضِية فلا ينبغي أن يترك أمر الله محافظة على ما لا يبقى.
و"ما" صلة تقديره : اعلموا أنّ الحياة الدنيا لعِب باطل ولهو فرحٍ ثم ينقضي.
وقال قتادة : لعب ولهو : أكل وشرب.
وقيل : إنه على المعهود من اسمه ؛ قال مجاهد : كل لعب لهو.
وقد مضى هذا المعنى في "الأنعام" وقيل : الَّلعب ما رَغَّب في الدنيا، واللَّهو ما ألهى عن الآخرة ؛ أي شَغل عنها.
وقيل : اللعب الاقتناء، واللهو النساء.
﴿ وَزِينَةٌ ﴾ الزينة ما يتزين به ؛ فالكافر يتزين بالدنيا ولا يعمل للآخرة، وكذلك من تزين في غير طاعة الله.
﴿ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ ﴾ أي يفخر بعضكم على بعض بها.
وقيل : بالخلقة والقوة.
وقيل : بالأنساب على عادة العرب في المفاخرة بالآباء.
وفي صحيح مسلم عن النبيّ ﷺ قال :" إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يبغى أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد " وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال :" أربع في أمتي من أمر الجاهلية الفخر في الأحساب " الحديث.
وقد تقدم جميع هذا.
﴿ وَتَكَاثُرٌ فِي الأموال والأولاد ﴾ لأن عادة الجاهلية أن تتكاثر بالأبناء والأموال، وتكاثر المؤمنين بالإيمان والطاعة.
قال بعض المتأخرين :"لَعِبٌ" كلعب الصبيان "ولَهْوٌ" كلهو الفتيان "وَزِينَةٌ" كزينة النسوان "وَتَفَاخُرٌ" كتفاخر الأقران "وَتَكَاثُرٌ" كتكاثر الدُّهقان.
وقيل : المعنى أن الدنيا كهذه الأشياء في الزوال والفناء.