والأولى أن يكون منسوباً إلى رهبان وغير بضم الراء، لأن النسب باب تغيير.
ولو كان منسوباً إلى رهبان الجمع لرد إلى مفرده، فكان يقال : راهبية، إلا إن كان قد صار كالعلم، فإنه ينسب إليه على لفظه كالأنصار.
والظاهر أن ﴿ إلا ابتغاء رضوان ﴾ الله استثناء متصل من ما هو مفعول من أجله، وصار المعنى : أنه تعالى كتبها عليهم ابتغاء مرضاته، وهذا قول مجاهد، ويكون كتب بمعنى قضى.
وقال قتادة وجماعة : المعنى : لم يفرضها عليهم، ولكنهم فعلوا ذلك ابتغاء رضوان الله تعالى، فالاستثناء على هذا منقطع، أي لكن ابتدعوها لابتغاء رضوان الله تعالى.
والظاهر أن الضمير في ﴿ رعوها ﴾ عائد على ما عاد عليه في ﴿ ابتدعوها ﴾، وهو ضمير ﴿ الذين اتبعوه ﴾، أي لم يرعوها كما يجب على الناذر رعاية نذره، لأنه عهد مع الله لا يحل نكثه.
وقال نحوه ابن زيد، قال : لم يدوموا على ذلك، ولا وفوه حقه، بل غيروا وبدلوا، وعلى تقدير أن فيهم من رعى يكون المعنى : فما رعوها بأجمعهم.
وقال ابن عباس وغيره : الضمير للملوك الذين حاربوهم وأجلوهم.
وقال الضحاك وغيره : الضمير للأخلاف الذين جاءوا بعد المبتدعين لها.
﴿ فآتينا الذين آمنوا ﴾ : وهم أهل الرأفة والرحمة الذين اتبعوا عيسى عليه السلام.
﴿ وكثير منهم فاسقون ﴾ : وهم الذين لم يرعوها.
﴿ يا أيها الذين آمنوا ﴾ : الظاهر أنه نداء لمن آمن من أمة محمد ( ﷺ )، فمعنى آمنوا : دوموا واثبتوا، وهكذا المعنى في كل أمر يكون المأمور ملتبساً بما أمر به.
﴿ يؤتكم كفلين ﴾، قال أبو موسى الأشعري : كفلين : ضعفين بلسان الحبشة.
انتهى، والمعنى : أنه يؤتكم مثل ما وعد من آمن من أهل الكتاب من الكفلين في قوله :﴿ أولئك يؤتون أجرهم مرتين ﴾ إذ أنتم مثلهم في الإيمانين، لا تفرقوا بين أحد من رسله.


الصفحة التالية
Icon