وروي أن مؤمني أهل الكتاب افتخروا على غيرهم من المؤمنين بأنهم يؤتون أجرهم مرتين، وادعوا الفضل عليهم، فنزلت.
وقيل : النداء متوجه لمن آمن من أهل الكتاب، فالمعنى : يا أيها الذين آمنوا بموسى وعيسى، آمنوا بمحمد ( ﷺ )، يؤتكم الله كفلين، أي نصيبين من رحمته، وذلك لإيمانكم بمحمد ( ﷺ )، وإيمانكم بمن قبله من الرسل.
﴿ ويجعل لكم نوراً تمشون به ﴾ : وهو النور المذكور في قوله :﴿ يسعى نورهم ﴾، ويغفر لكم ما أسلفتم من الكفر والمعاصي.
ويؤيد هذا المعنى ما ثبت في الصحيح :" ثلاثة يؤتهم الله أجرهم مرتين : رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بي "، الحديث.
ليعلم أهل الكتاب الذين لم يسلموا أنهم لا ينالون شيئاً مما ذكر من فضله من الكفلين والنور والمغفرة، لأنهم لم يؤمنوا برسول الله ( ﷺ )، فلم ينفعهم إيمانهم بمن قبله، ولم يكسبهم فضلاً قط.
وإذا كان النداء لمؤمني هذه الأمة والأمر لهم، فروي أنه لما نزل هذا الوعد لهم حسدهم أهل الكتاب، وكانت اليهود تعظم دينها وأنفسها، وتزعم أنهم أحباء الله وأهل رضوانه، فنزلت هذه الآية معلمة أن الله تعالى فعل ذلك وأعلم به.
ليعلم أهل الكتاب أنهم ليسوا كما يزعمون.
وقرأ الجمهور :﴿ لئلا يعلم ﴾، ولا زائدة كهي في قوله :﴿ ما منعك أَن لا تسجد ﴾ وفي قوله :﴿ أنهم لا يرجعون ﴾ في بعض التأويلات.
وقرأ خطاب بن عبد الله : لأن لا يعلم ؛ وعبد الله وابن عباس وعكرمة والجحدري وعبد الله بن سلمة : على اختلاف ليعلم ؛ والجحدري : لينيعلم، أصله لأن يعلم، قلب الهمزة ياء لكسرة ما قبلها وأدغم النون في الياء بغير غنة، كقراءة خلف أن يضرب بغير غنة.