ابتغاءَ رضوانِ الله فذمَّهم حينئذٍ بقولِه تعالى :﴿ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ﴾ من حيثُ أنَّ النذرَ عهدٌ مع الله لا يحلُّ نكثُه لا سيَّما إذَا قُصدَ به رضاهُ تعالَى وعلى الوجهِ الثانِي متوجهٌ إلى قيدِه لا إلى نفسِه. والاستثناءُ متصلٌ من أعمِّ العللِ أي ما كتبنَاها عليهم بأنْ وفقناهُم لابتداعِها لشيءٍ من الأشياءِ إلا ليبتغُوا بها رضوانَ الله ويستحقُّوا بها الثوابَ ومن ضرورةِ ذلكَ أن يحافظُوا عليَها ويراعُوها حقَّ رعايتها فما رَعَاها كلُّهم بلْ بعضُهم ﴿ فَئَاتَيْنَا الذين ءَامَنُواْ مِنْهُمْ ﴾ إيماناً صحيحاً وهو الأيمانُ برسول الله ﷺ بعدَ رعايةِ رهبانيتِهم لا مجردَ رعايتِها فإنَّها بعدَ البعثةِ لغوٌ مَحضٌ وكفرٌ بَحْتٌ وأنَّى لها استتباعُ الأجرِ ﴿ أَجْرَهُمْ ﴾ أي ما يخُصُّ بهم من الأجرِ ﴿ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فاسقون ﴾ خارجونَ عن حدِّ الاتباعِ، وحملُ الفريقينِ على منِ مضَى من المراعينَ لحقوقِ الرَّهبانيةِ من قبل النسخِ والمخلينَ بها إذْ ذاكَ بالتثليثِ والقولِ بالاتحادِ وقصدِ السمعةِ من غيرِ تعرضٍ لإيمانِهم برسولِ الله ﷺ وكفرِهم به ممَّا لا يساعدُه المقامُ.
﴿ يا أيها الذين ءَامَنُواْ ﴾