وعبد الله بن سلمة على اختلاف ليعلم، وقرأ الجحدري أيضاً وليعلم على أن أصله لئن يعلم فقلبت الهمزة ياءاً لكسرة ما قبلها وأدغمت النون في الياء بغير غنة، وروى ابن مجاهد عن الحسن ليلاً مثل ليلى اسم المرأة ﴿ يَعْلَمْ ﴾ بالرفع، ووجه بأن أصله لأن لا بفتح لام الجر وهي لغة وعليه قوله
: أريد لأنسى ذكرها فكأنما...
تمثل لي ليلى بكل سبيل
فحذفت الهمزة اعتباطاً وأدغمت النون في اللام فصار للا فاجتمعت الأمثال وثقل النطق بها فأبدلوا من اللام المدغمة ياءاً نظير ما فعلوا في قيراط ودينار حيث أن الأصل قراط ودنار فأبدلوا أحد المثلين فيهما ياءاً للتخفيف فصار ليلا ورفع الفعل لأن أن هي المخففة من الثقيلة لا الناصبة للمضارع، وروى قطرب عن الحسن أيضاً ليلاً بكسر اللام ووجهه كالذي قبله إلا أن كسر اللام على اللغة الشهيرة في لام الجر ؛ وعن ابن عباس كي يعلم، وعنه أيضاً لكيلا يعلم، وعن عبد الله.
وابن جبير.
وعكرمة لكي يعلم.
وقرأ عبد الله أن لا يقدروا بحذف النون على أن إن هي الناصبة للمضارع، والله تعالى أعلم.
ومما ذكره المتصوفة قدست أسرارهم في بعض آياتها :﴿ هُوَ الأول والاخر والظاهر والباطن ﴾ [ الحديد : ٣ ] قالوا : هو إشارة إلى وحدانية ذاته سبحانه المحيطة بالكل، وقالوا في قوله تعالى :﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنتُمْ ﴾ [ الحديد : ٤ ] إشارة إلى أنهم لا وجود لهم في جميع مراتبهم بدون وجوده عز وجل، وقوله تعالى :﴿ يُولِجُ الليل فِى النهار وَيُولِجُ النهار فِى الليل ﴾ [ الحديد : ٦ ] إشارة إلى ظهور تجلي الجلال في تجلي الجمال وبالعكس ﴿ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ﴾ [ الحديد : ٧ ] إشارة للمشايخ الكاملين إلى تربية المريدين بإفاضة ما يقوي استعدادهم مما جعلهم الله تعالى متمكنين فيه من الأحوال والملكات.