والمعلَّل هو ما يرجع إلى فضل الله لا محالة وذلك ما تضمنه قوله :﴿ يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نوراً تمشون به ويغفر لكم ﴾ أو قوله :﴿ فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم إلى غفور رحيم ﴾ [ الحديد : ٢٧، ٢٨ ].
وذهب جمهور المفسرين إلى جعل ( لا ) زائدة.
وأن المعنى على الإِثبات، أي لأن يعلم، وهو قول ابن عباس وقرأ ﴿ ليعلم ﴾، وقرأ أيضاً ﴿ لكي يعلم ﴾ ( وقراءته تفسير ).
وهذا قول الفرّاء والأخفش، ودرج عليه الزمخشري في "الكشاف" وابن عطية وابن هشام في "مغني اللبيب"، وهو بناء على أن ( لا ) قد تقع زائدة وهو ما أثبته الأخفش، ومنه قوله تعالى :﴿ ما منعك إذ رأيتهم ضلوا أن لا تتبعني ﴾ [ طه : ٩٢، ٩٣ ] وقوله :﴿ ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك ﴾ [ الأعراف : ١٢ ] وقوله :﴿ فلا أقسم بمواقع النجوم ﴾ [ الواقعة : ٧٥ ] ونحو ذلك وقوله :﴿ وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون ﴾ [ الأنبياء : ٩٥ ] على أحد تأويلات، وروي أن العرب جعلتها حشواً في قول الشاعر أنشده أبو عمرو بن العلاء:
أَبَى جُودُه لا البخلَ واستعجلت به
"نعم" من فتى لا يمنع الجود قائلُه
في رواية بنصب ( البخل )، البخل وأن العرب فسروا البيتَ بمعنى أبَى جودُه البخلَ.
والمعنى : على هذا الوجه أن المعلَّل هو تبليغ هذا الخبر إلى أهل الكتاب ليعلموا أن فضل الله أُعطيَ غيرهم فلا يتبجحوا بأنهم على فضل لا ينقص عن فضل غيرهم إذا كان لغيرهم فضل وهو الموافق لتفسير مجاهد وقتادة.
وعندي : أنه لا يعطي معنى لأن إخبار القرآن بأن للمسلمين أجرين لا يصدِّق به أهل الكتاب فلا يستقر به علمهم بأنهم لا فضل لهم فكيف يعلل إخبار الله به بأنه يُزيل علم أهل الكتاب بفضل أنفسهم فيعلمون أنهم لا فضل لهم.


الصفحة التالية
Icon