فالله يبين لهم : أن الشيء لا يثمن إلا بتثمين من يعلم حقيقته، وأنتم تثمنون منهج الله، ولا يصح أن يثمن منهج الله إلا الله. ولذلك يجب أن يكون الثمن الذي وضعه الله لتطبيق المنهج ثمنا مربحا مقنعا لكم، فإن أخذتم ثمنا على كتمان منهج الله وأرضيتم الناس بتقنين يوافق أهواءهم وشهواتهم، فقد خسرتم في الصفقة ؛ لأن ذلك الثمن مهما علا بالتقدير البشري، فهو ثمن قليل وعمره قصير. والأثمان عادة تبدأ من أول شيء يتعقل بحياة الإنسان هو قوام حياته من مأكل ومشرب، لذلك قال الله سبحانه وتعالى :" أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار" وإذا كانوا يأكلون في بطونهم ناراً فكيف يكون استيعاب النار لكل تلك البطون ؟ لأن المؤمن كما قال الرسول يأكل في معي واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء، أي أن الكافر لا يأكل إلا تلذذاً بالطعام ؛ فهو يريد أن يتلذذ به دائما حتى يضيق بطنه بما يدخل فيه. لكن المؤمن يأخذ من الطعام بقدر قوام الحياة، فسيد الخلق محمد ابن عبد الله ﷺ يقول في الحديث الشريف :" حسب ابن آدم لقيمات يقمن أوده".