" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٧٤)
قوله :" مِنَ الْكِتَابِ " : في محلِّ نصْبٍ، على الحال، وفي صاحبها وجهان :
أحدهما : أَنَّهُ العائِدُ على الموصول، تقديره :" أَنْزَلَهُ اللَّهُ " حال كونه " مِنَ الكِتَابِ " فالعاملُ فيه " أَنْزَلَ ".
والثاني : أنه المُوصول نَفسُه، فالعامل في الحال " يَكْتُمونَ ".
قوله :" وَيَشْترونَ بِهِ " : الضميرُ في " بِهِ " يُحْتَمَل أن يعود على " ما " الموصولة، وأن يعودَ على الكَتْم المفهومِ من قوله :" يَكْتُمُونَ "، وأَنْ يعودَ على الكتابِ، والأَوَّلُ أَظهَرُ، ويكونُ ذلك على حَذْف مضافٍ، أي :" يَشْتَرونَ بِكَتْم ما أَنْزَلَ ".
قوله :﴿ إِلاَّ النَّارَ ﴾ استثناءٌ مفرَّغ ؛ لأنَّ قبله عاملاً يطلبه، وهذا من مجازِ الكَلاَمِ، جعل ما هُوَ سَبَبٌ للنَّار ناراً ؛ كقولهم :" أَكَلَ فُلاَنٌ الدَّمَ "، يريدُون الدية الَّتي بِسَبَبها الدَّمُ ؛ قال القائل في ذلك :[ الطويل ]
٩٠٤ - فَلَوْ أَنَّ حَبّاً يَقْبَلُ المَالَ فِدْيَةً...
لَسُقْنَا إِلَيْهِ المَالَ كَالسَّيْلِ مُفْعَما
وَلَكِنْ أَبَى قَوْمٌ أُصِيبَ أَخُوهُمُ...
رَضَا الْعَارَ وَاخْتَارُوا عَلَى اللَّبَنِ الدَّمَا
وقال القائلُ :[ الطويل ]
٩٠٥ - أَكَلْتُ دَماً إِنْ لَمْ أَرُعْكِ بِضَرَّةٍ...
بِعِيدَةِ مَهْوَى القُرْطِ طَيِّبَةِ النَّشْرِ
وقال :[ الرجز ]
٩٠٦ - يَأْكُلْنَ كُلَّ لَيْلَةٍ إِكَافَا...
يريد : ثَمَنَ إكافٍ.
وقوله :" في بُطُونِهِم " يجوز فيه ثلاثة أوجه :