أظهرها : أَن يتعلَّق بقوله " يَأْكُلُونَ " فهو ظرْفٌ له، قال أبو البقاء : وفيه حذفُ مضافٍ، أي " طَرِيقِ بُطُونِهِمْ " ولا حاجة على ما قاله من التَّقْدِير.
والثاني : أنْ يتعلَّق بمحذوفٍ، على أنَّهُ حالٌ من النَّار.
قال أبُو البقاء : والأجودُ : أن تكونُ الحال هُنّا مقدَّرة ؛ لأنَّها وقت الأَكْلِ ليْسَتْ في بُطُونِهِمْ.
وإنَّمَا تَؤول إلى ذلك، والتقديرُ : ثابتةٌ وكائنةٌ في بُطُونهم.
قال : ويلْزَمُ منْ هذا تقديمُ الحال على حرف الاستثناء.
وهو ضعيفٌ، إلاَّ أنْ يجعل المفعولَ محذوفاً و" فِي بُطُونِهِمْ " حالاً منه، أَو صفةً له، أي : في بطونِهِم شيئاً، يعني فيكون :" إلاَّ النَّارُ " منصوباً على الاستثناء التَّامِّ ؛ لأنَّهُ مستثنىً من ذلك المحذوف إِلاَّ أَنَّه قال بَعْد ذلك : وهذا الكلامُ من المعنى على المجاز للإعْرَابِ حكْمُ اللفظ.
والثالث : أنْ يكون صفةً أو حالاً من مفعُول " كُلُوا " محذوفاً ؛ كما تقدم تقديرُه.
قوله : في ذِكْرِ البُطُونِ تنبيهٌ على أَنَّهُم باعوا آخِرَتَهُم بدُنياهم، وهو حظُّهم من المَطْعَم الَّذي لا خَطَرَ له ومعنى " إلاَّ النَّار "، أي : أنَّهُ حرامٌ يعذِّبهم الله علَيْه، فسمّى ما أَكَلُوه من الرُّشَا ناراً ؛ لأَنَّهُ يؤدِّيهم إلى النار، قاله أكثر المفسِّرين.
وقيل : إِنَّهُ يعاقبهم على كتمانهم بأكل النَّار في جهنم حقيقةً فأَخْبَر عن المآل بالحالِ ؛ كما قال تعالى
﴿ إِنَّ الذين يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليتامى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً ﴾ [ النساء : ١٠ ]، أي عاقبتهم تئُولُ إلى ذلك، ومنْه قَوْلُ القائل :[ الوافر ]
٩٠٧ - لِدُوا لِلْمَوْتِ وَابْنُوا لِلْخَرَابِ............
وقال القائِل [ المتقارب ]
٩٠٨ -.......
فَلِلْمَوْتِ مَا تَلِدُ الْوَالِدَهْ
وقال آخر :[ البسيط ]
٩٠٩ -......
وَدُورُنَا لِخَرابِ الدَّهْرِ نَبْنِيهَا


الصفحة التالية
Icon