الخامس : أنَّها نافيةٌ، أَي :﴿فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النار ﴾. نقله أَبُو البقاء. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٣ صـ ١٨٧ ـ ١٨٨﴾
وقال العلامة ابن عاشور :
وقوله :﴿فما أصبرهم على النار﴾ تعجيب من شدة صبرهم على عذاب النار، ولما كان شأن التعجيب أن يكون ناشئاً عن مشاهدة صبرهم على العذاب وهذا الصبر غير حاصل في وقت نزول هاته الآية بني التعجيب على تنزيل غير الواقع منزلة الواقع لشدة استحضار السامع إياه بما وصف به من الصفات الماضية، وهذا من طرق جعل المحقق الحصول في المستقبل بمنزلة الحاصل، ومنه التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي وتنزيل المتخيل منزلة المشاهد كقول زهير
:... تَبَصَّر خليلي هلْ ترى من ظَعائن
تَحَملْنَ بالعَلْياءِ من فَوْققِ جُرْثَم... بعد أن ذكر أنه وقف بالدار بعد عشرين حجة، وقول مالك بن الرَّيْب
:... دَعاني الهَوى من أَهل ودِّي وجيرتي
بذي الطَّيِّسَيْن فالتفتُّ ورائيا... وقريب منه قوله تعالى :﴿كلا لو تعلمون علم اليقين، لترون الجحيم﴾ [التكاثر : ٥ ٦] على جعل ﴿لترون﴾ جواب ﴿لو﴾. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ١٢٥﴾
وقال ابن عرفة :
﴿فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النار﴾.
( قال ابن عطية عن جماعة : أظهروا التعجب (من) صبرهم على النار لما عملوا عمل) (من وطّن نفسه عليها) أي ما أجرأهم على النّار. وحكى عن المقتضب للمبرد أنه تقرير واستفهام من قولك مصبور أي محبوس أي ما أشد حبسهم في النار أو ما أحبسهم في النار.
قال ابن عرفة : وهذا أصوب لأن الأول يقتضي أن لهم اختيارا وجلادة على الصبر على النّار وهذا مدح لهم بالقوة والجلادة.
والثاني يقتضي أن حبسهم فيها اضطرار ليس لهم فيه اختيار بوجه.
قيل لابن عرفة : إنّما التعجّب من أسباب صبرهم على النار ؟