واعلم أن هذه لا تعد ناسخة لما كان في الجاهلية، لأن الظّهار لم يقرر في الإسلام كشرع ولم يعمل به كمأمور به، وإنما كان عادة مستقة من عوائد الجاهلية، والنّسخ لا يدخل إلا على ما كان مشروعا كما أشرنا إليه في الآيتين ١٧ و١٥٠ من سورة البقرة، وما كان عليه عمل الجاهلية لا يسمى شرعا لأنهم لم يأخذوها من شرع قديم أو يكتسبوها من تعاليم الأنبياء، إذ لا شرع ولا كتاب لهم بل من عوائد آبائهم، لأن نبيهم إسماعيل عليه السّلام اندرست شريعته ولم يترك لهم كتابا يرجعون اليه، ولهذا لم يفت به حضرة الرّسول، لأنه حكم من الأحكام ولم ننزل عليه فيه شيء، وهو لا ينطق عن هوى.
قال تعالى "تِلْكَ" الأحكام المتلوة عليكم أيها النّاس في "حُدُودُ اللَّهِ" التي لا يجوز تخطيها المفروض عليكم اتباعها "وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ" (٤) يوم القيامة عدا ما ينالونه في الدّنيا تدل هذه الآية دلالة قاطعة


الصفحة التالية
Icon