ومن كمال الآداب احترام من هو دونه أيضا بالملاقاة والتكلم والمجالسة على أن لا يتجاوز فيه الحد بالنسبة له، مثل أن يقوم العالم أو الفاصل لمن هو دونه، فيقدم له الحداء فهذا بعد تخاسا لا أدبا، إذ لكل شيء حد يجب الوقوف عنده، لأن الإفراط والتفريط قد يقضيان للحط من كرامة الرّجل ويوجبان الغيبة له، ورحم اللّه امرأ جبّ الغيبة عن نفسه، بأن يتحاشى أن يفعل ما يغتاب عليه به فيقطع ألسنة الناس عنه، ومما جاء في فضل العلم ما أخرجه الترمذي عن بن كثير قال قدم رجل من المدينة على أبي الدّرداء وهو بدمشق، فقال ما أقدمك يا أخي ؟ قال حديث بلغني انك تحدثه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال أما جئت لحاجة غيره ؟ قال لا قال أما قدمت في تجارة ؟ قال لا، قال ما جئت إلّا في طلب الحديث ؟ قال نعم، قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك اللّه به طريقا إلى الجنّة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السّموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء،
وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم، فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر.
وأخرج أبو داود نحوه وهذا الفضل لا يختص بمن يأتي لطلب العلم من مكان بعيد، بل إذا ذهب لطلبه من دار لأخرى في بلده أو حيه ينال هذا الأجر، واللّه ذو الفضل العظيم يضاعف لمن يشاء بحسب بعد المكان وقربه وحسب نية الطّالب، فأين من يطلبه ويتعرض لنفحاته.
وجاء في بعض الأخبار كن عالما أو متعلما أو مستمعا ولا تكن الرّابعة فتهلك، أجارنا اللّه من الهلاك.
وروى البخاري ومسلم عن معاوية ابن أبي سفيان قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول من يرد اللّه به خيرا يفقهه في الدين


الصفحة التالية
Icon